تقارير وتحقيقات

أزمة المحروقات تفاقم خسائر القطاع الزراعي (مزارعون يشكون من عدم توفر مستلزمات الإنتاج الزراعية)

   يعتبر روج آفاي كردستان وشمال وشرق سوريا السلة الغذائية الأولى وصمام الأمان الغذائي لسوريا بشكل عام، وتحتل المحاصيل الشتوية مثل القمح والشعير 3/4 مساحة الأراضي المزروعة إضافة إلى الأشجار المثمرة والخضروات، فيما تأتي المحاصيل العطرية مثل “الكمون والكزبرة” في المرتبة الثانية من حيث مساحة الزراعة إلى جانب زراعة البقوليات مثل الفول والعدس والحمص. كما أن قسماً من الأهالي يعتمد على تربية المواشي والتي تعتمد في مأكلها على الأعلاف الزراعية كالنخالة والتي تستخرج أساساً من القمح والشعير والتبن.

ومن أكثر الصعوبات التي يعاني منها قطاع الزراعة هي عدم توفر مستلزمات الإنتاج الزراعية، إضافة إلى التغير المناخي الذي يلعب دوراً مؤثراً في خروج مساحات من الأرضي الزراعية بشكل مستمر من الاستخدام الزراعي، وترتفع بشكل مستمر تكاليف استخدام الأراضي للإنتاج الزراعي نتيجة لذلك.

الصعوبات الأساسية التي يعاني منها القطاع الزراعي:

– نقص وغلاء أسعار الأسمدة والمبيدات، نتيجة لذلك فقد ارتفعت تكاليف الزراعة وأصبح من الصعب تغطية تكاليف الإنتاج ولهذا السبب توقف الكثير من الفلاحين عن الزراعة.

– نقص وارتفاع أسعار الوقود والمحروقات.

– ارتفاع تكاليف النقل لبيع المنتوجات الزراعية.

– نقص الآلات الزراعية وارتفاع أجور الحراثة، نتيجة الحرب انخفض سعر صرف الليرة السورية مقارنة مع العملات الأخرى مما تسبب بارتفاع أسعار قطع الغيار من أجل صيانة الآلات الزراعية، ولم يعد بمقدور الفلاحين تحمل تكاليف الصيانة.

   تسببت الأزمة السورية في إحداث أضرار وخسائر فادحة بالإنتاج الزراعي، وفضلاً عن المعاناة الإنسانية الشديدة تسبب الصراع في سوريا في خسارة تزيد عن عشرات المليارات من الدولار من إنتاج المحاصيل الزراعية والماشية وتدمير الأصول الزراعية، حيث انخفضت نسبة السكان الذين كانوا يعيشون في المناطق الريفية في 2011 إلى أقل من 35 في المئة، وأدى ذلك إلى  خسائر فادحة في إنتاج المحاصيل والماشية. الأسر في المناطق الريفية تعرف تماماً ما يلزمها لاستكمال أو إعادة بناء إنتاجها الزراعي، فهناك حاجة ماسة للموارد الأساسية مثل الأسمدة والبذور والمحروقات والعلاجات البيطرية اللازمة للماشية، ويتوقع أنه في حال استمرار تجاهل مناطق الزراعة الإنتاجية سيضطر المزيد من أهالي هذه المناطق إلى هجرها وسنكون في خطر نقص الغذاء.

   تزداد خسائر المزارعين في مناطق روج آفاي كردستان – شمال وشرق سوريا، الغنية بالثروة النفطية، وذلك بسبب نقص كميات الوقود التي يحتاجونها، ويعتمد المزارعون بالدرجة الأولى على المحروقات في عملية ريّ المحاصيل ونقلها، وانخفاض كميات الوقود انعكس سلباً على الإنتاج والأسعار لديهم، ويلجأ الفلاحون لشراء الوقود من السوق السوداء بأسعار مضاعفة، كونهم لا يحصلون على كامل مستحقاتهم المخصصة من قبل “الإدارة الذاتية”.

   المزارعون يعانون في القطاع الزراعي من قلة المستحقات المخصصة لهم من المحروقات وسوء وتأخر في توزيعها.. لذلك يضطر المزارع لشراء المازوت بعشرات الأضعاف من السوق السوداء لسقاية المزروعات وبهذا تتعاظم التكلفة الإنتاجية، مما يؤدي بالمزارع إلى بيع المحصول بأسعار عالية جداً تفوق القدرة الشرائية لدى المواطن، أو ترك الزراعة وبالتالي تراجع وتدهور الزراعة في المنطقة ومن ثم الاعتماد على المستورد بأضعاف سعر المنتوج المحلي.

   ويرجح خبراء ومراقبون سبب ذلك إلى عدم وجود سياسة زراعية واقتصادية واضحة وثابتة، إضافة إلى السياسات والقرارات الارتجالية للمعنيين القائمين على هذا القطاع الحيوي والهام الذي يشكل الدعامة الأساسية للاقتصاد المجتمعي في ميثاق العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية.

   هنا نتساءل أمام هذا الواقع المزري، لماذا لا تبادر الجهات المسؤولة والمعنية بهذا القطاع في الإدارة الذاتية الديمقراطية إلى توفير المواد المطلوبة وجميع مستلزمات الإنتاج الزراعية لضمان حسن سير العملية الزراعية؟!!.. وإلا فإن الأمر له تداعيات كارثية على عجلة الاقتصاد والأمن الغذائي لروج آفاي كردستان – شمال وشرق سوريا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى