تقارير وتحقيقات

قطع المياه عن أكثر من مليون مواطن في الحسكة وتل تمر من قبل قوات الاحتلال التركي جريمة أخرى تضاف إلى سلسلة جرائم أردوغان ضد الإنسانية

طريق الشعب - العدد (429)

   من جديد وكما هو متوقع تتكرر الجريمة مرة أخرى، جريمة بحق الإنسانية ترتكبها قوات المحتل التركي وتستهدف ما يزيد على مليون ومائتي ألف مواطن من سكان الحسكة وتل تمر وأريافهما المحرومين من مياه الشرب منذ أكثر من 30 يوماً حتى كتابة هذا التقرير بعد أن قطع المحتل التركي ومرتزقته مياه الشرب كوسيلة ابتزاز وضغط على الأهالي لإجبارهم على النزوح من قراهم ومنازلهم، ورغم أن العالم كله يعلم أن قطع المياه عن المواطنين جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الإنساني الدولي بما في ذلك اتفاقيات جنيف المتعلقة بوضع المدنيين في زمن الحرب، إلا أن الجريمة مستمرة، ولا أحد من المنظمات والمؤسسات الدولية يتدخل أو حتى يرد على صرخات المتضررين من العطش والمهددين بالموت، خاصة في ظل جائحة كورونا التي تهدد البشرية.

   الحسكة وتل تمر وأريافهما كلها بلا ماء، وبدأ الناس يشربون المياه المرة والمالحة غير الصالحة للاستهلاك البشري من الآبار السطحية التي قد تكون أضرارها وخسائرها أكبر وأكثر من العطش نفسه، صحيح أننا نعلم ويعلم الجميع أن السبب هو قوات الاحتلال ومن معهم من العصابات والميليشيات، ونعلم أن الأمر مجرد تضييق للخناق، ومساومات على حساب العطشى، وأن لعبة الكهرباء مقابل المياه هي الذريعة، لكن إذا كانت مثل هذه العصابات لا ترد على كل المنظمات الدولية الموجودة، فما جدوى هذه الأدوار والوظائف الموجودة من أجلها هذه المنظمات والجهات المعنية بالأمر، وبما أن استهداف محطة الضخ تكرر كثيراً فإن ذلك يعني أنه كلما تم استئناف الضخ فإن أي تشغيل لمحطة علوك دون وجود دائم لعمال مؤسسة المياه لا معنى له، وأن المشكلة ستظل مستمرة دون أي حلول، وبالتالي الحل الوحيد هو تحييد محطة مياه علوك عن الحروب والمصالح والغايات، وإيجاد آلية تضمن تدفق المياه منها على مدار الساعة.

   تركيا تحاول الضغط على الإدارة الذاتية الديمقراطية بشروطها عبر استخدام المياه كعامل ضغط لتأليب السكان المحليين في الحسكة وتل تمر.

   وقد عمدت القوات التركية إلى السيطرة على محطة علوك، أحد الأهداف الأساسية لعملياتها العسكرية، بهدف استخدام المياه كعامل ضغط لتأليب السكان المحليين في الحسكة على قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية الديمقراطية، وهذا ما وضحه الباحث في الشأن السوري نيكولاس هاريس أن “السيطرة على محطة علوك كانت أحد الأهداف الأساسية للعملية العسكرية التركية، لأن أنقرة تريد استخدام المياه كعامل ضغط لتأليب السكان المحليين في الحسكة على قوات سوريا الديمقراطية”.

   وفي مارس/آذار الماضي، حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أن مئات آلاف الأشخاص في روج آفا – شمال شرق سوريا يواجهون مخاطر متزايدة بالإصابة بفايروس كورونا المستجد بسبب انقطاع إمدادات المياه، منددة باستخدام محطات المياه “لتحقيق مكاسب عسكرية أو سياسية”.

   في شوارع مدينة الحسكة الضيقة، تتنقل نساء وأطفال حاملين عبوات فارغة بانتظار تعبئتها من صهاريج المياه التي تجوب الأحياء، بعضها مقدم من الأمم المتحدة والآخر من منظمات غير حكومية وبعضها الآخر من مؤسسات الإدارة الذاتية، بينما يسيّر تجّار عدداً منها مقابل بدل مادي.

   وتجول الصهاريج يومياً لتملأ الخزانات في الأحياء، إلا أن الكميات لا تكفي لقضاء حاجة السكان إلى المياه للشرب والطبخ والغسيل والاستحمام.

   ويشكو السكان من استغلال بعض أصحاب الصهاريج الأزمة لرفع أسعارهم، في حين أن بعض العائلات غير قادرة على دفع الثمن، فتضطر إلى استخراج مياه الآبار غير النظيفة أو طلب المساعدة من جيرانها لتأمين ولو جزء بسيط من حاجتها.

   ويتحسّر سكان الحسكة وتل تمر منذ شهر على انقطاع المياه. وطغى وسما: #العطش_يخنق_الحسكة، و#الحسكة_عطشى على مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا.

   المدينة العطشى.. هكذا أصبحت تسمى مدينة الحسكة، منذ أكثر من ثلاثين يوماً تعاني المدينة من انقطاع تام لمياه الشرب حياة أكثر من مليون شخص مهددة بسبب العطش، وما يفاقم الوضع سوءاً أن المنطقة تشهد في الآونة الأخيرة انتشاراً كبيراً لوباء كورونا.

   حرب المياه التي تشنها تركيا على مناطق شمال وشرق سوريا تستهدف البشر والشجر وكل كائن حي ليصبحوا ضحايا الانقطاعات المتكررة للمياه من قبل تركيا.

   وأثناء تجولك في مدينتي الحسكة وتل تمر كل ما تراه في الطرقات والشوارع هو شاحنات الصهاريج، والسيارات المحملة بالمياه، البعض يوزعها بالمجان والبعض الآخر يقوم ببيعها.

   وتعد مدينة الحسكة محدودة المصادر المائية، والمصادر التي تعتمد عليها بعيدة وتقع في منطقة سري كانيه / رأس العين التي تحتوي مياه جوفية غزيرة.

   وخلال الفترات السابقة التي تم تشغيل المحطة فيها كان الاحتلال التركي يتعمد ضخ المياه بالحد الدنيا، بحيث وصلت الكمية إلى أقل من 20 ألف متر مكعب بينما الحاجة اليومية تبلغ 82 ألف إلى 100 ألف متر مكعب، وذلك بعد منع عمال المحطة من الإشراف على تشغيلها.

   وكان نهر الخابور يعتبر أحد مصادر المياه في المحافظة، لكنه جفّ خلال السنوات الماضية نتيجة الحفر الجائر من قبل القوات التركية وعناصر الفصائل السورية التابعة للائتلاف السوري.

   الحل الوحيد هو تحييد محطة المياه في علوك، وتشغيلها بكامل طاقتها من قبل عمال مؤسسة المياه، فهل ثمة من يسمع أو يقرأ أو يبادر من مؤسسات المجتمع الدولي وهيئاته ومنظماته؟

   الحل الوحيد لتجاوز الكارثة المرتقبة من العطش ومن الأمراض المحتملة نتيجة استخدام آبار بدائية ومياه من مصادر لا تخضع للتحليل والتعقيم هو عودة عمال مؤسسة المياه إلى محطة علوك وتشغيلها، وطرد مرتزقة النظام التركي من موقع المحطة كي لا تبقى الجريمة مستمرة.

   يُذكر أن محطة علوك تعتبر المصدر الرئيس والوحيد للمياه لأكثر من مليون ومائتي ألف نسمة في مدينتي الحسكة وتل تمر ومخيمي الهول والعريشة طبقاً لمنظمات الأمم المتحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى