ثقافة ومجتمع

شخصية الطفل بين خبرات الأهل وتجارب الحياة

   الطفل عالم من المشاعر والأحاسيس وهو كتلة من التفاعلات… حين يطل على الدنيا وترى عيناه نورها يطرح على نفسه سؤالاً محيراً، هو كيف تكون لي شخصية أثبت من خلالها وجودي؟ في هذا العالم الذي يدثرني ببرد العطف والحنان.

   يأتي سؤاله هذا من خلال الصرخات الأولى التي يطلقها طالباً الطعام وباحثاً عن صدر أمه متحمساً بدفء حنانها ومنصتاً لنبضات حبها.. يعانق الحياة سعيداً حين تعانقه أمه ويتأثر بانفعالاتها حين تتوتر أو تحزن يختزن كل هذا في ذاكرته ليظهر فيما بعد سلوكاً يرافقه كل أو جل حياته بعد أن يولد حيث يصبح سيداً مطاعاً يتربع على عرش القلوب ومتوجاً بالحب.

   والطفل له حاجاته الأساسية والجسدية كالغذاء والكساء والنوم والوقاية من المرض وحاجات نفسية كالعطف والحنان والرعاية فهو أكثر ما يكون بحاجة إلى التربية والتعليم والتأهيل. والبيئة والناس عاملان مهمان في صوغ الطفل وتشكل شخصيته فهما يحددان علاقاته مع أقرانه ومع المحيط به من كبار وصغار وأقارب وجيران. والطفل شئنا أم أبينا هو وليد أطراف مختلفة ومتنوعة كالبيت والمدرسة والحي وكل ذلك يمكن أن يكون في الريف أو المدينة في حي قديم أو حديث.. غني أو فقير في أسرة فقيرة أو ثرية.. في كل تلك الأمور يكون فيها الطفل مسيراً لا مخيراً.. في هذه الظروف الخارجة عن إرادة الطفل يأتي دور الأهل للتعامل مع هذه الظروف كل حسب استطاعته لإشباع حاجاته النفسية لينمو نمواً طبيعياً والطبيعة البشرية تقتضي نقل خبرات الآباء إلى الأبناء ومزجها مع خبرات الحاضر.

   وقد توصل العلماء إلى أن الإنسان يستطيع أن يتعلم من علوم المعرفة ما لا حصر له، فنحن نتعلم في كل لحظة أو فترة معارف وعلوماً جديدة يتساءل الآباء: كيف نربي أولادنا؟ ما هي الطريقة المثلى والأسلوب الأنجع للوصول بطفلنا إلى سوية عالية من القوام والتربية؟. أكثر ما يخشى علماء النفس وتربية الطفل أن يندرج الآباء تحت هذين النموذجين إما حزم وقسوة نابعة من الخوف الشديد على الطفل، أو تساهل مغلف بالدلال المفرط واللامبالاة. لهذا يلزم التوازن في المعاملة بين الحزم واللطف المغلف بالحب والاحترام والتعاون.

   وعن خلاصة تجارب وأبحاث ودراسات علماء النفس والتربية في هذا المجال يتبين بمبادلة هذا الطفل الحب بالمفهوم الحقيقي عندها يحس الابن أن والداه يرعيانه بالنظرة الواثقة المعبرة والحنان والرعاية في تصرف الابن تجاه العالم المحيط به باعتدال وتقدير وإيجابية للأمور والمواقف التي يمكن أن يتعرض لها. هذا التعزيز العاطفي المتبادل بين الأبوين وطفلهما يمثل جدار الحماية الأول والأساسي للطفل عندما يلجأ إلى العائلة لأنها الملاذ الآمن ولا يلجأ للشارع هرباً من الجو العائلي المضطرب فالأطفال مرآتنا.. وهم عيوننا وقلوبنا.

   أخيراً يمكن القول إن خطوات بسيطة للوصول لتربية صحيحة وسليمة وناجحة تتمثل في إدارة حقيقية للتربية قوامها الحب والاحترام والتفاهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى