آراء

أردوغان وروج آفاي كردستان والكرد

   احتلت تركيا عفرين بصفقة لا أخلاقية مع روسيا، واحتلت كري سبي وسري كانية في صفقة تجارية مشؤومة مع الرئيس الأمريكي دوناد ترامب، ولا يكتفي الرئيس التركي أردوغان بكل ذلك، وإنما تمتد أطماعه إلى كامل الشمال السوري وإلى الموصل وكركوك، ولذلك كانت حربه الإجرامية في إقليم كردستان العراق هذا العام، بل أنه وتنفيذاً للموقف التركي بعدم قبول نتائج اتفاقية لوزان 1923م التي كانت وباءً على الشعب الكردي، وبموجب الميثاق الملي التركي فإنه لن يتوانى عن احتلال أية بقعة سيطرت عليها يوماً ما السلطنة العثمانية سيئة الصيت وذات التاريخ الأسود إذا ما استطاع إلى ذلك سبيلاً في توجه معلن نحو إحياء العثمانية الجديدة، ولهذا السبب نجد تدخله العدواني في ليبيا وشرق المتوسط وناغورني قره باغ ومنطقة الخليج والصومال وشمال أفريقيا وأواسطها.

   غير أن السلطان العثماني غير المتوج في أنقرة ليس كلي القدرة، ففي الظروف الدولية الحالية تتعثر مخططاته يوماً بعد يوم، فها هو يخسر الآن في ليبيا وفي شرق المتوسط تتوحد أوروبا ضده وتحضر ما يجعل تركيا تنكفئ خلف الجزر في سواحلها، وبالتالي حرمانه من كل الثروات الواعدة من النفط والغاز وغيرها، وتجمعت ضده الدول العربية ما عدا قطر إلى درجة جعلت تركيا تعيش عزلة دولية واسعة، وتسوء علاقاتها مع حلف الناتو، ويتراجع اقتصادها بدرجة مخيفة إلى حد جعلت الليرة التركية تفقد أكثر من 30% من قيمتها في أقل من عام، وتغادر الرساميل التركية إلى الخارج، وأصبحت شعبية أردوغان تتراجع يوماً بعد يوم، وتتقدم المعارضة ويتشقق حزبه، حزب العدالة والتنمية، أي أنه إذا جرت انتخابات مبكرة في تركيا فإن الشعب التركي سيطيح به وبحزبه.

   إذا كان أردوغان على صلة جيدة بالرئيس الأمريكي ترامب، فإن إدارة جديدة قد وصلت إلى البيت الأبيض، ويعرف الجميع أن هذه الإدارة الجديدة ليست على وفاق مع أردوغان، بل أنها تقف ضده، وهناك الكثير من المواقف والتصريحات التي أعلن عنها الرئيس جو بايدن.

   أردوغان ليس فقط ضد حزب العمال الكردستاني كما يدعي، وإنما هو ضد الشعب الكردي بكامله، وهو لا يريد ولا يقبل بأي تطور إيجابي لقضية الشعب الكردي في أي مكان من العالم، وهو درس حفظه الكرد، ويجب أن لا يغيب عن بالهم لحظة واحدة.

   بالرغم من كل هذا فإن عيون أردوغان لا تزال على روج آفا – شمال وشرق سوريا، وعلى الموصل وكركوك، بل على كردستان عامة، وهو لن يفوت أية فرصة للعدوان عليها. تركيا أردوغان تراقب تطورات الأوضاع في روج آفا – شمال وشرق سوريا بكل انتباه، وهي تفعل أي شيء لعرقلتها، بل القضاء عليها إذا تمكنت من ذلك، هي تعمل للإيقاع بين الكرد ومنع وحدتهم وحتى منع لغتهم، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فها هي تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية تترسخ على الأرض، وتحقق المزيد من النجاحات على الأرض في مجالات الصحة والتعليم والاقتصاد والخدمات، وتحقق نجاحات في مجال الدبلوماسية والعلاقات الخارجية وتعزيز القوات العسكرية والأمنية، وتلاحق خلايا داعش الإرهابية صنيعة أردوغان.

   إن حماقة أردوغان بالعدوان على روج آفاي كردستان ممكنة، ويجب الحذر الدائم والاستعداد الدائم، ولكنها لن تكون نزهة لقواته، وكل الظروف الدولية والإقليمية غير ملائمة لنجاح مثل هذه الحماقة، فبعد الانتخابات الأمريكية ومجيء إدارة الرئيس بايدن قد تغلق الأبواب على أي عدوان تركي جديد.

هيئة التحرير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى