آراء

التغيير المقبل والخرائط الجديدة

   أسماء ومصطلحات: أمريكا، روسيا، تركيا، إيران، إسرائيل، روجآفا، شمال سوريا، دمشق، لبنان، العراق، صواريخ، مدمرات، خسائر كبيرة، لا خسائر، أضحت كلها مفردات يومية، بل للحظات يتلفظ بها الملايين من البشر، على أرض الواقع، في التجمعات الصغيرة والكبيرة، في اللقاءات الرسمية وغير الرسمية، وفي وسائل الإعلام المختلفة، لأننا على ما يبدو بتنا فعلاً، حيال تغيير مقبل بقوة، وعنوة، بلا إرادة من أي أحد أو سطوة أية سلطة، وباتت الخرائط الجديدة ستفرض نقاط علامها من جديد، بعد سنوات الخراب والدمار والقتل والهجران في كل تلك الأسماء والمصطلحات.

   يبدو أن عبيدي الإمبراطوريات والحالمين ببنائها من جديد، لا يستطيعون الإفادة من إرث مضى وانهار تماماً، بل أن تقويض ذلك الإرث سيكون أكثر سمواً ورقياً من استنهاضها مجدداً، خاصة بعد الهزائم المتوالية للجغرافيات الكبرى، وانهيار مفهوم القومية العربية، والتي عززت بقوة الإسلام الأصولي الذي تحول إلى إرهاب فكري وجسدي ومميت في أحسن أحواله.. إذاً نحن أمام تغيرات مقبلة.

   بيان وحدات حماية الشعب الكردية حول استهداف “الضيوف الثقلاء” جداً في عفرين الكردية المحتلة تركياً، رسالة واضحة للمحتل التركي وحلفائه الإرهابيين، بعد أن ظلت أعين العالم كله من جهاته الواسعة والفسيحة على عفرين وصمودها، على الضفة الأخرى هناك انتخابات مقبلة في تركيا، ستضفي على السطح مسارات جديدة بكل تأكيد بعد تحالفات يتم ترتبيها بين الأحزاب السياسية هناك، وبعد الانقلاب الواضح الذي أحدثه رجب طيب أردوغان بتسلطه على المجتمعات التركية من أنقرة إلى آمد، وفي إسهاب واضح ظلت إيران على مفترقات طرق بعد إسكات أصوات التظاهرات الاحتجاجية مؤقتاً، والتي باتت الدولة الأكثر عرضة لضربة محتلمة من جانب الغرب.

   كتبت الصحف الإسرائيلية تقول إن توقيت عرض مسروقات الأرشيف النووي الإيراني من قبل بنيامين نتانياهو ساعد ترامب على تسريع إعلان قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران غير الجارة، ولكن طهران في الوقت ذاته استفادت من الخلاف الأوروبي – الأميركي حول مشروعها لتدق إسفيناً بين حليفَين تاريخيَين. في إشارة إلى واشنطن وتل أبيب.

   وبعد سلسلة من غارات جوية شنتها 26 طائرة إسرائيلية على أهداف إيرانية في الأراضي السورية وعلى بطاريات صواريخ مضادة للطائرات، أرسلت إسرائيل لاحقاً تعزيزات عسكرية كبيرة إلى هضبة الجولان التي تحتلها منذ العام 1967، في تحد واضح لإيران خاصة وأن طهران تسعى بدورها إلى التصعيد نظراً إلى أنها لم تترك لنفسها خيارات كثيرة بعد كل المبالغ المالية الضخمة والخيالية في دعم النظام السوري منذ بدء الأزمة في العام 2011 وإلى الآن.

  هل نحن حيال خرائط جديدة ترسم إذاً..؟

   الشرق بعمومه يغلي، والمنطقة على فوهة بركان قد تنفجر في أية لحظة، ولكن أميل هنا إلى أنها ربما النهاية، نهاية الحرب لأن ما يحصل ليست ترتيبات جديدة خططت لها حديثاً، بل هي نتائج أزمات سياسية وعسكرية مستفحلة منذ أمد طويل ونشهد مخاضها راهناً.

   التغيير المقبل والخرائط الجديدة.. سيكون المانشيت الأكثر تلفظاً في المرحلة القصيرة المقبلة.

فتح الله حسيني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى