آراء

في ذكرى تأسيسها التاسعة الإدارة الذاتية الديمقراطية مدعوة لتطوير النجاحات والتخلص من الأخطاء

   في 21 كانون الثاني/يناير 2023م تكون الإدارة الذاتية قد طوت تسعة أعوام من عمرها، ودخلت إلى السنة العاشرة بقوة واقتدار شاهدت أثنائها أحداثاً هامة وكبيرة وأنجزت مهام ومكاسب كبيرة في الوقت نفسه. جاء بناء الإدارة الذاتية في وقت كانت القوى المعادية بما في ذلك العديد من المجموعات الإرهابية تعمل من أجل بسط سيطرتها على روجآفاي كردستان، واستطاعت بالفعل السيطرة على مناطق شاسعة، ومارست فيها جميع أشكال الإرهاب من قتل وتشريد وسيطرة على الممتلكات الخاصة والعامة.

   لقد شقت الإدارة الذاتية الديمقراطية طريقها بالرغم من جميع العقبات والتآمر المتعدد الأشكال من عسكرية وسياسية واقتصادية التي وضعتها القوى المعادية في طريقها بما في ذلك العدوان العسكري المباشر والحصار الاقتصادي وزرع الفتن، لقد حققت الإدارة الذاتية نصراً مؤزراً على مخططات كبيرة وخطيرة لأن هذه الإدارة لم تكن مجرد إعلان، بل كانت حاجة موضوعية وطريقاً جديدة لبناء سوريا جديدة، سوريا ديمقراطية تعددية لامركزية، نموذجاً لسوريا المستقبل كنظام حكم ومجتمع جديد تسودها الحرية والديمقراطية والمساواة تتمتع جميع مكوناتها القومية من كرد وعرب وسريان آشور وأرمن وغيرهم بحقوقهم القومية والديمقراطية والدينية، ويتم توزيع الثروة فيها بشكل عادل.

   منذ انطلاقتها حققت الإدارة الذاتية في مناطقها الأمن والاستقرار والعدالة بين جميع مكوناتها، وقدمت تعليماً ديمقراطياً فافتتحت أكثر من /2000/ مدرسة للمراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، وأنجزت المناهج الدراسية من الصف الأول الابتدائي إلى الثالث الثانوي، وفتحت العديد من المعاهد والأكاديميات وعدة جامعات باللغات الكردية والعربية والسريانية وهو إنجاز كبير تعجز عنه العديد من الدول، وخطت الإدارة الذاتية كذلك خطوات هامة في مجالات الصحة والاقتصاد، وفتحت طريقاً واسعاً أمام حرية المرأة وطاقات الشباب، واستطاعت إقامة جملة علاقات سياسية مع العديد من دول العالم، وخاضت نشاطاً دبلوماسياً هاماً، وأقامت تجربة ديمقراطية فريدة في المنطقة، كما استطاعت البدء في بناء نموذجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ظروف بالغة الدقة والتعقيد من العدوان العسكري وبخاصة من قبل الدولة التركية، والحصار الاقتصادي ومحاولات التخريب من الداخل والخارج، وبالرغم من كل المعوقات لاتزال الإدارة الذاتية تتطور إلى الأمام ويشتد عودها وتتصلب إرادتها بالرغم من الإمكانات المحدودة، وقد كانت مأثرة الإدارة الذاتية الكبرى هي دحرها لتنظيم داعش الإرهابي وقضاؤها على دولة الخلافة الإسلامية المزعومة وتحريرها عاصمتها الرقة بالرغم من أن جهات كثيرة وفي مقدمتها الدولة التركية قد ساندت هذا التنظيم الإرهابي وقدمت له العون الكبير.

   إن تركيا والنظام السوري وإيران تحارب الإدارة الذاتية لأنها تخاف من هذا النموذج الذي يتناقض من أنظمتها البعيدة عن إرادة شعوبها لأن الإدارة الذاتية وحدت جميع المكونات القومية والدينية في مناطق سيطرتها في روجآفاي كردستان وشمال وشرق سوريا حيث تشترك هذه المكونات في جميع مؤسسات وهيئات الإدارة الذاتية التنفيذية والتشريعية والقضائية، وفي مجلس سوريا الديمقراطية، وكذلك في القوات العسكرية والأمنية، وتتمتع بنفس الحقوق والواجبات، ولأن الأمر كذلك فإن الأنظمة الغاصبة لكردستان يقلقها استمرار الإدارة الذاتية وقوتها، وأن تتحول بقوتها العسكرية (قوات سوريا الديمقراطية) إلى قوة رئيسية لا يمكن بدونها حل الأزمة السورية، ولهذا فإنها تعمل باستمرار ضد هذه الإدارة، وتحيك الدسائس والمؤامرات ضدها، بل وتحاربها عسكرياً، فتركيا تحتل الآن مناطق عفرين وإعزاز والباب وجرابلس وسريكانيه وكَري سبي، وتهدد باحتلال مناطق أخرى، ولا تخفي أهدافها في القضاء على الإدارة الذاتية، وكذلك النظام السوري الذي يتهمها بالانفصالية وإيران أيضاً تقوم بنفس الدور بالتنسيق مع النظام السوري، ولأن الصراع في سوريا هو صراع محلي وإقليمي ودولي فإن الصراع على مناطق الإدارة الذاتية تأخذ نفس الطابع، وهذا ما يتجسد اليوم في مشروع التطبيع بين النظام السوري والمعارضة السورية، هذا المشروع الذي رسم في أستانا وسوتشي بين روسيا وإيران وتركيا والنظام السوري الذي يحمل في طياته خطراً كبيراً على سوريا بشكل عام وعلى الإدارة الذاتية بشكل خاص.

   إن الشعب الكردي في روجآفاي كردستان وكافة المكونات القومية والدينية في شمال وشرق سوريا يتطلعون إلى انتصار الإدارة الذاتية ويلتفون حول قوات سوريا الديمقراطية لحماية المكتسبات التي تم تحقيقها والتمتع بحقوقها القومية والديمقراطية وحرياتها وكرامتها، وإلى تعميق تجربتها الديمقراطية لتكون نموذجاً في المنطقة.

   في الذكرى التاسعة لتأسيسها فإن الإدارة الذاتية مدعوة إلى إجراء مراجعة شاملة لتجربتها بنجاحاتها وأخطائها، وأن تطور النجاحات وتتخلص من الأخطاء، أن تعمل من أجل تحسين المستوى المعيشي للشعب، وتهتم بفروع النشاط الإنتاجي في الاقتصاد وبخاصة الزراعة، وكذلك بتحسين الخدمات المقدمة للشعب وتعميق التجربة الديمقراطية، وتحقيق أوسع مشاركة شعبية فيها، ووحدة الصف الكردي ووحدة كافة مكونات شمال وشرق سوريا.

   في الذكرى التاسعة لتأسيس الإدارة الذاتية نحيي أرواح جميع شهداء الحرية الذين رووا بدمائهم الطاهرة تراب روجآفاي كردستان وشمال وشرق سوريا، ونتمنى الشفاء العاجل لجميع الجرحى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى