آراء

ثورة شعوب إيران تدخل شهرها السادس

   انتفاضة شعوب إيران التي أشعلها قتل الفتاة الكردية جينا أميني على أيدي جلاوزة النظام الإيراني قبل ستة أشهر تستمر في تصاعدها بمشاركة واسعة من جميع الشعوب في إيران، وتطورت مع الزمن وتطورت أهدافها لتتحول إلى ثورة تدعو إلى إسقاط النظام وترفع شعار الموت للديكتاتور خامنئي، بخلاف الاحتجاجات السابقة التي كانت تدوم لعدة أيام، لم يستطع النظام إخمادها بالرغم من استعمال كافة أشكال القمع، من القتل في الشوارع والسجن والتعذيب وإصدار أحكام الإعدام بحق النشطاء، بل على العكس من ذلك تتوسع قاعدة الثورة باستمرار، وتنضم إليها قوى وفئات جديدة ما يعني اتساعها أكثر فأكثر، وتلقى الثورة بمرور الزمن تأييداً واسعاً من قبل أوسع الأوساط الديمقراطية ومنظمات حقوق الإنسان وكل محبي الحرية في العالم، وتنظم حملات التضامن معها، ويتم فضح قساوة أساليب التعذيب والقتل وقرارات الإعدام.

   في داخل إيران وخارجها هناك حراك واسع من قبل الحركات السياسية والقوى والأحزاب بهدف دعم الثورة واستمرارها وصولاً إلى إسقاط النظام والإتيان بالبديل الديمقراطي، ويتم عقد المؤتمرات والاجتماعات الموسعة لأطراف المعارضة الإيرانية في الخارج لدعم الثورة والحوار من أجل الوصول إلى شكل الحكم في إيران المستقبل، بينما يستمر النظام في اتهام الثورة بالقوى الخارجية المعادية.

   إلى الآن لا يمكن الجزم بأن تنظيماً معيناً يقود الثورة، قيادتها في الداخل وهي غير معروفة وهو أمر مهم لاستمرارها، وتتشكل من الشباب والنساء، ولكن ذلك لا يعني نفي دعم الأحزاب السياسية لها، علماً أن وجود مثل هذا الدعم والتأييد أمر مهم جداً بشرط عدم التدخل في تفاصيل شؤونها الداخلية، وعدم نقل تناقضات تلك الأحزاب إلى قلب الثورة، ومن الضروري الحفاظ على سلمية الثورة بحيث تكون ثورة شعبية ديمقراطية سلمية، فالنظام يريد تسليح الثورة لأنه يريد نقلها إلى المجال الذي هو أقوى فيه لأن النظام يمتلك قوة كبيرة وهائلة من الجيش والحرس الثوري والباسيج والعديد من المليشيات المسلحة، على الثورة أن تستفيد من تجربة الثورة السورية في هذا المجال، كما أنه من الضروري جداً أن تمثل الثورة جميع شعوب إيران، فهي ليست ثورة كردية محضة، وليست ثورة فارسية محضة، كما أنها ليست ثورة بلوشية أو عربية أو آذرية فقط، إنها يجب أن تكون ثورة جميع شعوب إيران.

   إن مجاهدي خلق إيران كقوة كبيرة في إيران قد تحاول السيطرة على الثورة من أجل الاستيلاء في المحصلة على السلطة، وهناك قوى تحن إلى الملكية تجاهد من أجل إعادة ابن الشاه إلى السلطة، وبناء الحكم الشاهنشاهي من جديد، والقوى القومية الفارسية قد تكون لديها فوبيا من مطالب القوى غير الفارسية بحجة أنها تخشى محاولات الانفصال، والأحزاب والقوى القومية الكردية والعربية والبلوشية وغيرها تطالب بحل مسألة القوميات كمسألة ديمقراطية داخل إيران وهي ترفع شعار إيران فيدرالية.

   وفي كل الأحوال فإن جميع تلك القوى مطالبة بتقديم برامجها وبيان استراتيجياتها بوضوح، وأن تعرضها للنقاش والحوار، ومن المهم أن لا يتم استبعاد أية جهة من الحوار، وأن لا يتم السماح لأية جهة بالاستفراد بالسلطة مستقبلاً لأنها سوف تقدم على ما فعله الخميني في عام 1979م، وعندها ستجهض الثورة من جديد.

   إن أي حراك سياسي أو انتفاضة أو ثورة شعبية إذا لم تتضمن المطالبة والعمل من أجل تحول ديمقراطي كامل، ومن أجل حرية جميع الشعوب والمكونات، ولم تحل مشاكل إيران الداخلية تتنافى عن أن تكون انتفاضة أو ثورة شعبية حقيقية، وستؤدي إلى وضع مشابه للأوضاع السابقة، ولن تؤدي إلى دمقرطة إيران وتمتع شعوبها بحرياتها القومية والديمقراطية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى