آراء

القصف التركي على مناطق روج آفاي كردستان (أهداف وأحقاد)

العدد (439)

   دأبت الدولة التركية ومنذ زمن طويل على قصف مناطق عين عيسى وطريق M4 وتل تمر وزركان بشكل يومي وسط صمت دولي بالرغم من كل التعهدات والاتفاقات، غير أنه وتزامناً مع هجوم داعش على سجن الصناعة في الحسكة فقد توسع هذا القصف، وتوسعت مناطق القصف ليشمل كامل الشريط الحدودي من درباسية إلى عامودا إلى مناطق ديرك مثل عين ديوار وغيرها حيث تستهدف السيارات والقرى بالمدفعية والطائرات المسيرة والطائرات الحربية أيضاً، وكل ذلك أيضاً ضمن صمت دولي.

   إن توسع هذا القصف وتعدد أهدافه هو دليل واضح على انتقام تركيا وفشل مشروعها ومخططها وأهدافها التي كانت تعقدها على هجوم داعش على سجن الصناعة في الحسكة لأن الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية قد أحبطت الهجوم بالسرعة اللازمة وتجاوزت المخطط وهي أقوى داخلياً وخارجياً.

   إذا كانت تهديدات أردوغان وتحضيرات تركيا ومرتزقتها بشن هجوم واسع على مناطق الإدارة الذاتية لاحتلال أجزاء أخرى فشلت ولم تر النور، ولم يتم السماح له بتنفيذ تلك الهجمات أمريكياً وروسياً فإنه يقوم بصب جام حقده على الإدارة الذاتية، ويستهدف بالهجمات الغادرة والجبانة على البلدات والقرى المحاذية للحدود.

   وفي كل الأحوال فإن القصف التركي المستمر على هذه المناطق متعدد الأهداف والأغراض، والهدف الرئيسي هو جعل المنطقة تعيش حالة من اللا أمن واللا استقرار، وبالتالي إلى تهجير السكان من تلك المناطق وعدم تركهم للتفرغ لأعمالهم الزراعية والتجارية وأعمال البناء، وبالتالي ضرب التنمية الاقتصادية والاجتماعية وجميع الخدمات الصحية والتعليمية والطرق والكهرباء والمياه وغيرها..

   هناك سبب رئيسي آخر يجعل أردوغان يمارس هذه العربدة الإجرامية وهو تردي الوضع الداخلي في تركيا الذي يشهد تراجعاً مستمراً ومهماً لشعبية أردوغان وحزب العدالة والتنمية وتنامي قوة المعارضة بكل توجهاتها حيث تدل كافة التوقعات والمؤشرات على أن أردوغان وحزبه لن يظفرا بالسلطة في الانتخابات القادمة في عام 2023م، وكذلك تردي الوضع الاقتصادي وتدهور الليرة التركية وتدني مستوى معيشة الشعوب التركية وبخاصة الطبقات الفقيرة وهجرة رؤوس الأموال إلى خارج تركيا، وكذلك العزلة الدولية التي أصبحت تركيا تعيشها، وفشل سياسات أردوغان وعنجهيته في شرق المتوسط ومعظم المنطقة العربية إضافة إلى التراجع المخيف للحريات العامة وتشديد القبضة الأمنية التي تطال المثقفين والكتّاب والمفكرين والإعلاميين والشعب الكردي وممثليه المنتخبين في البرلمان والبلديات وفتح أبواب السجون على مصاريعها.

   إن هذه الأوضاع الداخلية تجعل أردوغان وحكومته يحتاجان إلى صرف انتباه الشعب إلى الخارج بحجج واهية وكأن هناك خطراً خارجياً يهدد تركيا، فيلجأ إلى هذا القصف لصرف الأنظار عن فشل سياساته.

   هناك مسألة أخرى تستدعي الاهتمام اللازم وهي إذا كانت روسيا الدولة الراعية لاتفاق الهدنة بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية، والتي جلبت قواتها وقوات النظام السوري إلى المنطقة لثني تركيا عن هجماتها، وإذا كانت الولايات المتحدة التي تقوم بالشراكة مع قوات سوريا الديمقراطية في محاربة الإرهاب وحماية المنطقة فلماذا تسمحان لتركيا بهذه الصولات والجولات الإرهابية وقصف مناطق روج آفاي كردستان – شمال وشرق سوريا الأمر الذي يؤدي إلى قتل المدنيين وتخريب متتلكاتهم وبالتالي تهجيرهم؟

   إن السماح لتركيا بهذا القصف والعدوان الواسع على مناطق الإدارة الذاتية بالمدفعية والطائرات والمسيّرات لا يمكن أن يتم دون موافقة الولايات المتحدة، أي أن الولايات المتحدة على علم بهذه الهجمات ولا تقوم بمنعها، والشيء نفسه ينطبق على روسيا، وهذا يدلل على عدم التزام الدولتين بتعهداتهما والتزاماتهما تجاه الإدارة الذاتية.

   سؤال أخير نطرحه وهو هل الولايات المتحدة ومعها الغرب من جهة وروسيا من جهة أخرى في سباق على من يكسب تركيا في الأزمة القائمة الآن في أوكرانيا؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى