آراء

تحت خيمة الشراكة ووحدة الموقف تتحقق الفيدرالية

   منذ اتفاقية لوزان ١٩٢٣ اتخذ الصراع بين الدول الغاصبة لكردستان والثورات والانتفاضات الكردية أشكالاً متعددة، حيث يأتي في المقدمة الصراع العسكري وما رافقه من عشرات الإبادات في كل جزء من أجزاء كردستان بهدف إفناء الشعب الكردي وكذلك الإبادات الثقافية والاقتصادية والسياسية، ولتمرير ثقافة الاستبداد والقمع محتكراً السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية لتنفيذ مخططاتها الإجرامية بحق الكرد، ومنذ بداية الأربعينيات من القرن الماضي خرجت أحزاب وطنية كردستانية من رحم المعاناة والجور والظلم، حاملة مشروع الثورة بأبعادها الأربعة العسكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية، ونظراً للإمكانات الهائلة التي كانت تتمتع بها الأنظمة الغاصبة لكردستان فقد حاولت اختراق الصف الكردستاني ومارست سياسة تخويف الكل من الكل ونجحت إلى حد ما تجزيئ ما هو مجزأ أصلاً، لهذا فنحن أمام واقع مرير وفي مواجهة تحديات تهدد وجودنا، فمن جهة يتم تغيير الطبيعة الديموغرافية للمناطق المحتلة من خانقين وكركوك مروراً بسري كانيي وكري سبي تل أبيض وعفرين الجريحة وفي كردستان الشمالية حيث الآلاف من البرلمانيين والسياسيين والحقوقيين والإعلاميين ورؤساء البلديات الكرد قابعين في سجون الطغمة الفاشية التركية وفي كردستان الشرقية حيث يمارس ضد الكرد التمييز القومي والمذهبي في آن واحد.

   لهذا فإن إنشاء مظلة كردستانية جامعة عبر مؤتمر وطني كردستاني شامل هي الحل الأمثل لتنبثق منها لجان سياسية وثقافية واقتصادية وعسكرية وتحتضن جميع الأطر الحزبية والسياسية الفاعلة، هذا على صعيد الجبهة الداخلية الكردستانية أما على الصعد الخارجية فعلى جميع الأحزاب والقوى الكردستانية العمل الجاد لإعادة دمقرطة الأنظمة الغاصبة لكردستان بوسائل ديمقراطية وتحت خيمة التعايش السلمي وخلق مناخ ديمقراطي وترسيخ مفهوم اللامركزية الفيدرالية حيث دول الاتحاد الأوربي خير نموذج، فإن النضال من أجل تحويل الدول القومية الشوفينية إلى دول وطنية ديمقراطية مدنية هي الهدف الذي نصبوا إليه.

   فالدول القومية ذات الطبيعة الفاشية والتي تحتكر أدوات العنف وقمع الشعوب، فهي دائماً معرضة للتوترات والاضطرابات وعدم الاستقرار، وهي ذات أداء فاشل وبنية هشة، وهي عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها السياسية والاقتصادية وتديرها شبكة من الرأسماليين الاحتكاريين، الذين لا يهمهم سوى رفع منسوب أرصدتهم المالية وهذه الشبكة تفتقر إلى الأخلاق ولا يهمها شن الحروب على شعبها أو جيرانها بقدر ما يهمها مصالحها الاقتصادية.

   إن الدولة الوطنية الديمقراطية المدنية تراهن دائماً على دستور مدني يحفظ حقوق القوميات من خلال النظام الفيدرالي، وتراهن على التعليم لخلق جيل جديد ووعي جديد لإعادة بناء العلاقة بينها وبين شعبها وتحديد الهوية الوطنية.

محمد شيخموس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى