آراء

حدود الدم

   مرة أخرى تسلط الأضواء على الشرق الأوسط وما أدراك ما الشرق الأوسط، حكومات استبدادية فقدت وظيفتها ككيانات سياسية، وايديولوجيات متناحرة، والدولتان الإقليميتان جارتا السوء تركيا وإيران، استطاعتا أن تقسما المنطقة بمجتمعاتها وشعوبها إلى ايديولوجيتين متناحرتين سنية وشيعية وتضخان ثقافة الكراهية والمذهبية البغيضة، لتنتج مجتمعات قروسطية وحشية تكفيرية داعشية، وحشدت لها كل الإمكانيات عبر إعلامها ومنابرها وجوامعها وحسينياتها، لترسخ ثقافة العنصرية والكراهية، وحتى الشعوب في هذه الجغرافيا تحولت إلى مجرد كلمات وتعابير ولا تعيش المستقبل بقدر ما تعيش في ثنايا التاريخ، الملطخ بالدم والنار الغير مشرف، تحاول أن تبني بلداناً دينية وشرعية بثقافتها المتزمتة، إذ لا معنى للثورة فيها لبناء مستقبل تؤمن بالقيم الإنسانية والأخلاقية والتعايش السلمي وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وثقافة تعددية علمانية لامركزية.

    لقد خاض الأوروبيون غمار حربين عالميتين حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه، من رقي وتقدم ومجتمعات مدنية ديمقراطية خالية من الفساد والاستبداد، وحقيقة الأمر أننا نملك ثقافة العيش المشترك والسلام والتي بدورها تنتج الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وبناء المصالح المشتركة والأهداف المشتركة، ومعلوم أن أنظمة الاستبداد تنفخ في الحقد والعنصرية وتزكي أوزارها وتتاجر بها.

   إن الحل لإخراج الشعوب السورية من هذه الكارثة التي حلت بها هي وضع ركائز متينة للعيش المشترك وفصل الدين عن الدولة،  والفصل بين السلطات والمساوات التامة بين مكونات الشعب السوري عبر دولة لامركزية تحد من صلاحيات المركز واستقوائه على الأطراف والتخلص من ديناصورات عتاة الإسلام السياسي وكل المتورطين مع النظامين التركي والايراني الذين تصدروا المشهد السياسي على حساب الشعوب السورية لتحقيق مصالحهم ولهاثهم إلى السلطة بأي ثمن كبديل استبدادي للنظام نفسه، وسيتهاوى المتسلقون وتجار الحروب مهما رمى ممولهم لهم حبال النجاة وسيتهاوى كل انتهازي ومتسلق ومتعطش للسلطة، وإن غداً لناظره لقريب.

محمد عبد الكريم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى