آراء

شروط الأسد حيال المعارضة العربية الضعيفة

   بدأت ملامح المعارضة العربية السورية تتلاشى أمام شروط حكومة دمشق التي بدأت كما السابق في فرض جميع شروطها على هذه المعارضة الهشة والضعيفة؛ التي بدأت بالاعتراف بها أكثر من خمسين دولة عربية وغربية والآن فقط تعترف بها تركيا فقط؛ نظراً لأجنداتها غير المقبولة جماهيرياً في الخارطة السورية أولاً؛ ووضع أنظارها على سدة الحكم فحسب دون الأخذ بالاعتبار آمال الشعوب السورية في التخلص من الاستبداد وسطوة السلطة ثانياً.

   بعد التقارب العربي الحديث مع حكومة دمشق؛ سياسياً ودبلوماسياً؛ ومن ثم التقرب الغربي الأوروبي أيضاً من نظام بشار الأسد تحت يافطة “التعافي المبكر” لبلاد تعيش حالة حرب منذ أكثر من أثني عشر عاماً؛ باتت المعارضة العربية بحكم اللاهث وراء شروط الأسد حتى وإن كانت شروط قاسية؛ لأن صاحبة المعارضة ذاتها – أي تركيا – باتت تبحث عن مخارج جديدة بتعاون روسي للوصول إلى رضا نظام الأسد؛ بعد فشل جميع محاولات تركيا في أضعاف ذاك النظام.

   نظام الأسد يعي جيداً أن هنالك مشروع سياسي وعسكري جامع في شمال وشرق سوريا؛ وأن هنالك مناطق نفوذ باتت خارج سيطرته وسيطرة روسيا أيضاً؛ ومع ذلك يتقرب بحذر شديد من ذاك المشروع الذي له الفضل الكبير في الحفاظ على السلم الأهلي ومقارعة الإرهاب الذي كان وما زال خطراً جدياً على الجغرافيا السورية نظراً للفوضى السياسية والعسكرية في سوريا؛ إلا أن نظام الأسد ينظر إلى المعارضة العربية كرهان خارجي خاسر ورهان داخلي لن يكون له أية مبادرات حالياً ومستقبلاً.

   لم يستند الكرد في معمعة الحرب الطائفية والمذهبية لا إلى نظام الأسد ولا إلى مخططات المعارضة الضعيفة والهشة؛ بل التفت الكرد، بمسؤولية، بمختلف أحزابها السياسية الوطنية، إلى العمل من أجل إنجاح مشروع يتوافق مع مطالب الشعوب السورية دون أن تكون أعينها على السلطة أو أن تكون جزءاً من المخططات الإقليمية؛ فاعتمد الكرد على شركائهم في الجغرافيا وأسسوا مشروعاً كبيراً لأكثر من خمسة ملايين سوري دون الخوض في معارك طائفية ومذهبية دمرت أكثر من نصف سوريا دون أهداف واضحة، بل ونحو مصائر مجهولة.

   شروط الأسد على المعارضة العربية قاسية جداً، لأنه يعي حجم وكارثية نوايا تلك المعارضة، والمعارضة، ذاتها، نظراً لضعفها وهشاشة سياساتها مجبرة على تقبل تلك الشروط بخنوع معلن؛ بينما شروط الأسد حيال الكرد ما زالت تتبلور نحو التوافق إذا وضعت روسيا ثقلها من أجل التوسط والوصول إلى حلول ترضي طرفين أساسيين في المعادلة؛ بعد فضح مشاريع المعارضة العربية، وبعد مدة قصيرة المعارضة ذاتها ستحاول التقرب من الكرد ولكن سيكون قد فاتها الوقت؛ لأنها كانت جزءاً أساسياً من الدمار ولم تكن جزءاً من الحل السياسي.

   إذاً، دخلت الأزمة السورية عامها الرابع عشر دون وجود الإرادة الدولية لحلها؛ بعد فشل جميع الاجتماعات والمنصات الدولية بتقديم حلول للأزمة، وفشل مسارات التقارب بين دمشق وتركيا، وكذلك التطبيع العربي مع حكومة دمشق؛ كل ذلك وسط التدهور الاقتصادي الذي تعيشه عموم البلاد.

   تعددت المبادرات الدولية بشأن التسوية السياسية للصراع دون أن تسفر أي منها عن حل سياسي، لذلك بقي الصراع مستمراً دون الوصول الدولي لأية عوامل تؤدي إلى التسوية السياسية.

   إذاَ، وربما بعد فشل الحلول على الأرض، باتت الشعوب السورية تنتظر حلولاً من السماء!.

فتح الله حسيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى