بيانات

عاشت الذكرى السابعة والخمسون لانطلاقة الحزب اليساري الكردي في سوريا

أيها العمال والفلاحون والمثقفون الثوريون..

أيها الوطنيون والتقدميون والديمقراطيون..

يا أبناء وبنات شعبنا الكردي العظيم..

   في الخامس من شهر آب من هذا العام يكون الحزب اليساري الكردي في سوريا قد طوى /57/ عاماً من النضال الدؤوب على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، قدم خلاله كل الجهود والتضحيات من أجل انتزاع الحقوق القومية والديمقراطية للشعب الكردي، ولضمان الحياة الحرة الكريمة لكل السوريين من العرب والكرد والسريان والأرمن وغيرهم، وتحسين ظروفهم المعيشية.

   وبهذه المناسبة السعيدة تتقدم اللجنة المركزية للحزب بأحر التحيات والتهاني القلبية إلى جميع مناضلي الحزب ومؤيديه وجماهيره، وإلى من وضع لبنة في صرح هذا الحزب المجيد، وإلى جميع أبناء الشعب الكردي في عموم أجزاء كردستان في الوطن والمهاجر وإلى جميع السوريين على اختلاف انتماءاتهم، وتعاهدهم بالاستمرار في طريق النضال الثوري من أجل حرية الشعب الكردي وانتزاع حقوقه القومية والديمقراطية، وإزالة الاضطهاد القومي والاجتماعي بحقه، ومن أجل الوصول إلى حياة تليق بالإنسان لجميع السوريين.

   لقد كانت انطلاقة /5/ آب 1965م، ولادة الحزب اليساري الكردي في سوريا، حاجة موضوعية لتطوير نضال الشعب الكردي وتحقيق حريته، إذ جاءت في معمعان النضال القومي والاجتماعي رداً على الأزمة العميقة التي كان يعانيها الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا، وانسجاماً مع تطورات النضال القومي والطبقي لشعوب المنطقة والعالم، والتي كانت تستدعي وجود تيار يساري مستقل تنظيمياً وسياسياً وفكرياً، وبهذا فقد شكلت هذه الانطلاقة انعطافاً حقيقياً في نضال الشعب الكردي.

   ومنذ انطلاقته فقد واصل الحزب نضاله على كافة الصعد الوطنية والقومية والاجتماعية والثقافية، وقدم التضحيات اللازمة، وهو يحتل مكانه اللائق اليوم في خضم ثورة روج آفاي كردستان وكشريك مساهم في بناء الإدارة الذاتية التي حققت الكثير من الانتصارات والمكاسب، وقدم في سبيل ذلك الكثير من الشهداء من بين صفوف مناضليه، كما يحتل مكانته اللائقة بين أطراف حركة التحرر الوطني الكردستانية، والحركة الوطنية والديمقراطية السورية.

 يا أبناء وبنات شعبنا الكردي العظيم..

     تأتي هذه الذكرى في ظل أوضاع دولية تتميز بالتصعيد والتوتر، خاصة بعد الحرب الأوكرانية والتي تتجاوز الحدود الأوكرانية إلى كل أنحاء العالم كحرب عالمية ثالثة دون إعلان تشترك فيها العديد من دول العالم وتعرض السلم والأمن الدوليين لمخاطر جسيمة، وستؤدي نتائجها إلى تغييرات كبيرة في النظام الدولي بقيام تكتلات اقتصادية وعسكرية عديدة وبروز أقطاب دولية جديدة، وإنهاء نظام القطب الأوحد، ويمكن القول أيضاً بأن تصعيد التوتر في العلاقات الدولية هو سمة هذه المرحلة التي يعيشها العالم.

   وبالرغم من أن التوتر يسود العديد من مناطق العالم سواء في بحر الصين الجنوبي وحتى في أوروبا، فإنه يبدو أن الشرق الأوسط لازال يشكل بؤرة التوتر الرئيسة في العالم، إذ لا تكاد دولة فيها تعيش ظروفاً طبيعية، سواء بسبب موجة الإرهاب التي تضرب المنطقة بكاملها والحروب التي تشهدها، أو بسبب الأنظمة الدكتاتورية والفاسدة التي تقمع حريات شعوبها، أو بسبب سياسات التمدد والعدوان التركية والإيرانية، وملف إيران النووي والتدخلات الدولية في شؤون المنطقة ونهب خيراتها.

   بالرغم من أن الأزمة السورية قد دخلت عامها الثاني عشر، فإنها لاتزال مستمرة دون أن تلوح في الأفق أية بوادر إيجابية لحلها، وتستمر معها معاناة السوريين بين تعنت النظام ومؤيديه من الدول الخارجية، وبين ما يسمى بالمعارضة الموالية لتركيا ولجماعة الأخوان المسلمين، والمعارضة المسلحة على غرار جبهة النصرة وداعش وغيرها.

   يولي الحزب الأولوية لمسألة تحرير المناطق المحتلة وبخاصة عفرين وسري كانيه وكري سبي من احتلال تركيا ومرتزقتها الذين يمارسون كل الجرائم والموبقات في المناطق المحتلة بدءاً من سياسة التغيير الديمغرافي والتهجير القسري للسكان من مناطقهم مروراً بالقتل والنهب والسلب لممتلكات المواطنين العزل، واختطاف السكان وتعذيبهم، ونعتبر الدولة التركية مسؤولة عن هذه الجرائم باعتبارها دولة الاحتلال، وكذلك ما تسمى بالمعارضة السورية التي تحولت إلى مجموعات مرتزقة تستخدمها تركيا في سياساتها الإجرامية ليس فقط في سوريا، وإنما في جميع أنحاء العالم، وليبيا وناغورني قره باغ دليلان ساطعان أمام أنظار المجتمع الدولي، وتفقد هذه المعارضة الآن كل الشرعية بممارساتها الإجرامية التي حولتها إلى أداة بيد الدولة التركية التي تستخدمها من أجل تحقيق غاياتها الدنيئة بقيادة جماعة الأخوان المسلمين العالمية، ونرى أنه إذا كان قد بقي إلى الآن وطني وديمقراطي واحد في ما يسمى بالائتلاف السوري العميل فعليه مغادرته.

   يدين الحزب السياسات العدوانية للدولة التركية واعتداءاتها على كامل الشمال السوري وفي مقدمتها مناطق الإدارة الذاتية، واعتداءاتها على مناطق باشور كردستان، واتباعها سياسة القتل والتشريد بحق السكان الآمنين، واحتلالها لمساحات واسعة من أراضي باشور كردستان، ويدين أيضاً سياسات تركيا الإجرامية في ليبيا وعموم أفريقيا ومصر واليونان وقبرص وغيرها، هذه الاعتداءات والمخططات التي تجري برعاية جماعة الإخوان المسلمين العالمية من أجل إعادة أمجاد السلطنة العثمانية والعثمانية الجديدة، ويدين الحزب أيضاً سياسات التوسع الإيرانية في عموم المنطقة، وإذ يدين الحزب صمت المجتمع الدولي ضد الاعتداءات التركية على مناطق الإدارة الذاتية وباشور كردستان فإنه يطالب جميع الأحرار في العالم بالعمل من أجل كبح جماح عدوانية تركيا أردوغان.

   يرى الحزب أن الأزمة السورية قد خرجت من الإطار الداخلي السوري إلى الإطارين الإقليمي والدولي، وأن ما يجري في سوريا هو أشبه بحرب عالمية ثالثة بالنظر إلى عدد الدول المتدخلة فيها عسكرياً وسياسياً وهذا ما يعقدها أكثر فأكثر بالنظر إلى الخلافات والصراعات بين تلك الدول المتدخلة وأهدافها، وعليه فإننا نطالب كل السوريين على اختلاف انتماءاتهم بالعودة إلى الأساس، إلى العامل السوري الذي اغتصبه الغير، لأن الحل الوحيد للأزمة السورية هو الحل الذي ينبع من حوار السوريين أنفسهم بشكل حر ودون تدخلات خارجية.

   وبخصوص الوضع الكردستاني يساند حزبنا نضال الشعب في عموم أجزاء كردستان ويدعو إلى وحدة نضال الشعب الكردي وإلى حل الخلافات بالطرق السلمية وعبر الحوار، وعدم الاعتماد على غاصبي كردستان.

   إن بناء الإدارة الذاتية وتحرير مناطق روج آفاي كردستان – شمال وشرق سوريا من قبل قوات سوريا الديمقراطية، ووحدات حماية الشعب والمرأة وبدماء آلاف الشهداء، يعتبر انجازاً تاريخياً كبيراً لثورة روج آفاي كردستان يجب حمايته بكل قوة من كافة الجهات المعادية الداخلية والخارجية، كما يجب تطوير هذه الإدارة باستمرار وتخليصها من الأخطاء والنواقص، وفي المرحلة الحالية يجب تعميق هذه التجربة الديمقراطية من كافة النواحي السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وتحسين الوضع المعيشي لجماهير الشعب والاهتمام بالزراعة وتطويرها والعمل على تحسين الخدمات من الماء والكهرباء والخبز والطرق، وتطوير التعليم والصحة والتصدي لكافة أشكال الفساد، والعمل من أجل تطوير القطاعات الإنتاجية وعدالة توزيع الثروة.

   ويرى الحزب أن وحدة الصف الكردي مهمة رئيسية وهدف يجب العمل بجدية على بلوغها باعتبار أن قوة الكرد في وحدتهم، هذه الوحدة التي كانت على الدوام مستهدفة من قبل كل غاصبي كردستان، وفي نفس الوقت فإن وحدة مكونات شمال وشرق سوريا من الكرد والعرب والسريان زغيرهم مهمة رئيسية وهدف يجب العمل بجدية على بلوغها، وليس هناك أي تناقض بين تلك المكونات، وإنما تربطهما وحدة ديالكتيكية وتكمل إحداهما الأخرى، وباختصار يرى الحزب أن الرد الحقيقي على كل التهديدات الخارجية والداخلية من قبل تركيا وغيرها يكمن قبل كل شيء في ضرورة تمتين الجبهة الداخلية لأن قوتنا تكمن في وحدتنا، وحدة الشعب حول مكاسبه وانتصاراته، وتدل التجربة التاريخية أن تركيا حتى من زمن السلطنة العثمانية كانت تتغلب على الكرد من خلال العمل على تفرقتهم.

   يولي الحزب أهمية كبرى لدور الشباب والمرأة، ويعتبر ذلك من أولوياته، خاصة في ظروف ثورة روج آفاي كردستان، حيث يلعب فيها الشباب والمرأة دوراً رئيسياً، ولأنها ستتولى في المستقبل ليس فقط قيادة الأحزاب وإنما قيادة الشعب أيضاً.

   في الذكرى السادسة والخمسين لانطلاقته يجدد الحزب اليساري الكردي في سوريا نضاله على كافة المستويات الفكرية والسياسية والتنظيمية، من خلال مراجعة شاملة ومسؤولة لكل خططه وبرامجه وسياساته بهدف تفعيل جميع هيئات الحزب، فهو كحزب يهتدي بالنظرية الماركسية اللينينية ومنهجها المادي الديالكتيكي يجب أن يتابع عملية التجديد الفكري التي يجب أن لا تتوقف والتي يجب أن تستفيد من آخر منجزات الثورة العلمية ومن كل ما هو تقدمي وإيجابي وقيّم في تراث شعبنا الكردي وبضمنه تطوير إعلام الحزب ليستطيع مواكبة التطورات الجارية على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، ويولي الحزب الأهمية الكبرى إلى تنظيم الحزب وتطويره وبناء مؤسساته، وتنفيذ شعار المؤتمر الخامس عشر للحزب نحو (حماية الحزب وتجديده وتطويره).

عاشت الذكرى السابعة والخمسون لانطلاقة الحزب اليساري الكردي في سوريا

المجد والخلود لجميع شهداء الحرية وشهداء الحزب

عاش نضال حزبنا المجيد

4 آب 2022م

                                                                                                   اللجنة المركزية

                                                                                        للحزب اليساري الكردي في سوريا   

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى