بيانات

البلاغ الختامي الصادر عن الكونفرانس السابع عشر للحزب اليساري الكردي في سوريا

تحت شعار: “الكونفرانس السابع عشر للحزب خطوة هامة نحو تعزيز دور الحزب والحفاظ على ثوابته الوطنية والقومية والفكرية” انعقد الكونفرانس السابع عشر للحزب اليساري الكردي في سوريا بتاريخ 18/8/2023م في مدينة الحسكة بحضور /140/ رفيقاً ورفيقة من قيادة الحزب وممثلي مجالسه، ومن ممثلي المرأة والشباب، وانضم ممثلو منظمات الحزب في الخارج إلى الكونفرانس عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي.

وبعد أن أقر الكونفرانس جدول أعماله وتشكيل ديوانه، افتتح الرفيق الأمين العام للحزب الكونفرانس بعد الوقوف دقيقة صمت إجلالاً لأرواح شهداء الحرية وشهداء الحزب بكلمة توجيهية موجزة شكر فيها جميع الرفاق على الجهود التي بذلوها، وأشار أيضاً إلى المهام والتحديات التي تواجه نضال شعبنا وحزبنا.

بدأ الكونفرانس أعماله بقراءة تقرير اللجنة المركزية المقدم إلى الكونفرانس السابع عشر للحزب ومناقشته، ثم قراءة تقرير مكتب التنظيم ومناقشته، وقراءة تقرير مكتب الشباب ومناقشته، وقراءة تقرير مكتب المرأة ومناقشته، وكذلك تقرير مكتب الإعلام ومناقشته، ثم قراءة تقارير مجالس الحزب والاستماع إلى مداخلات ممثلي منظمات الخارج، وقد قيمت تلك التقارير والمداخلات، وعموم النقاشات التي جرت، نشاط الحزب في الفترة المنصرمة وأداء الرفاق ودور الحزب على الساحات المختلفة خلال سنتين، أي منذ المؤتمر الخامس عشر للحزب عام 2021م وطالبت بضرورة التخلص من النواقص والسلبيات وبضرورة تطوير الإيجابيات وهي الأكبر والأعم في نضال الحزب، وقد اتسمت تلك النقاشات بالشفافية والحرية الكاملة وفي أجواء من الديمقراطية المفتوحة وبروح المسؤولية العالية.

على الصعيد الدولي أكد الكونفرانس بأن استمرار الحرب في أوكرانيا دون وجود أية آفاق بحلها قد أدى ويؤدي إلى مزيد من التصعيد والتوتر في العلاقات الدولية، وإلى تغيير قواعد اللعبة الدولية، وأن هذا التصعيد قد أضر بالسلم والأمن الدوليين، وقسم العالم من جديد، فهناك التكتل الغربي بقيادة الولايات المتحدة والذي يضم أيضاً أوروبا ودول حلف الناتو، إضافة إلى اليابان وكوريا الجنوبية واستراليا، وهناك أيضاً التكتل الصيني الروسي الإيراني الكوري الشمالي، وهناك دول أخرى تقف مع هذا التكتل أو ذاك دون إعلان رسمي مراعية بذلك مصالحها الوطنية، وبنتيجة كل ذلك يتجه العالم إلى ظهور تكتلات وأقطاب جديدة، فتظهر الهند كقوة واعدة، وتبرز البرازيل أيضاً كقوة اقتصادية وبشرية كبيرة، وهناك دول مجموعة البريكست التي تثبت يوماً بعد آخر فاعليتها الاقتصادية الكبيرة، وناقش الرفاق في الكونفرانس أيضاً الصراع الذي يحتدم الآن في القارة الأفريقية لأن ما حدث في النيجر ليس أمراً داخلياً فقط، وإنما هو نتيجة صراع دولي كبير على هذه القارة، خاصة أن من يسيطر على أفريقيا يسيطر على الشرق الأوسط أيضاً، والعكس صحيح أيضاً، ولهذا فإنه من المبكر وغير الواقعي توقع انسحاب أمريكي سريع من الشرق الأوسط، وستبقى الولايات المتحدة والغرب عموماً تدافع عن مصالحها في أفريقيا والشرق الأوسط.

وإذ أكد الكونفرانس من جهة على ضرورة إدراك أن هذا الصراع الدولي الواسع والخطير لا يهدف بالدرجة الأولى إلى نشر الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان، وحرية الشعوب المضطَهَدَة، وإنما هو صراع للسيطرة على العالم وعلى الثروات والمواقع الاستراتيجية، وأن الديمقراطية والحريات العامة تصنعها الشعوب بنفسها، وبالاعتماد الرئيسي على طاقاتها وقوتها التي يجب أن تنسجم عن روح العصر، فقد أكد الكونفرانس من جهة أخرى على أن فعل هذا الأمر والتوجه يجب أن لا يعني بالنسبة لنا الانعزالية، خاصة أن حرية الشعب الكردي تتعلق بأبعاد دولية وإقليمية ومحلية، وأنه يجب كسب أصدقاء جدد باستمرار إلى جانب قضية شعبنا، خاصة أن معاهدة لوزان المشؤومة عام 1923م كانت نتيجة مصالح وسياسات الدول التي أزكمتها رائحة النفط، وأكد الكونفرانس أيضاً على ضرورة مطالبة روسيا الاتحادية بمراجعة موقفها السلبي من الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية الذي ظهر جلياً في الاجتماع رقم /20/ لمجموعة محور أستانا، ويعتبر هذا التغيير في غير محله، وانحيازاً إلى جانب الدول التي تقتسم كردستان بعد أن كانت تتحاور مع الإدارة الذاتية وتستقبل وفودها، وتتوسط من أجل الحوار بينها وبين النظام السوري، كما أكد الكونفرانس أيضاً على أن سوريا تشكل الآن المنطقة الأكثر سخونة في العالم بعد أوكرانيا، إذ تتواجد فيها القوات العسكرية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، والقوات العسكرية لروسيا وتركيا وإيران، بالإضافة إلى جبهة النصرة وداعش الإرهابيتين، وعشرات المجاميع الإرهابية الأخرى المرتبطة بتركيا وجماعة الأخوان المسلمين العالمية، وهذا ما يعقد الأزمة السورية بشكل كبير بسبب تدويلها، وفي ظل الوضع الدولي الساخن حالياً فإنه لا يمكن توقع خروج أية من القوات المذكورة من سوريا لأنها أصبحت من أهم مواقع الصراع الدولي، فإن الأزمة السورية ستطول أكثر، ولا تبدو في الأفق أية إشارة تدل على حلها قريباً.

وأكد الكونفرانس بأن الأوضاع الدولية المضطربة قد ألقت بظلالها على الوضع الإقليمي بشكل كبير، إضافة إلى المشاكل الخاصة بالمنطقة ذاتها، ولهذا كانت هناك تطورات هامة في الإقليم، وكان الاتفاق السعودي – الإيراني بإعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما برعاية صينية علامة فارقة، وكان تطوير العلاقات الاقتصادية بين السعودية من جهة والصين وروسيا من جهة أخرى، وكذلك اتفاق السعودية مع روسيا ضمن مجموعة الدول المصدرة للنفط بتقليص إنتاج السعودية من النفط بمليوني برميل شهرياً علامة فارقة أخرى في السياسة السعودية بمعارضة الغرب لحماية مصالحها الوطنية، وقد كرست هذه السياسة السعودية، إضافة إلى قوتها الاقتصادية الهائلة، زعامتها للعالمين الإسلامي والعربي أهلتها لإعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية على أمل أن ينعكس كل ذلك إيجابياً على تهدئة الأوضاع في المنطقة وإيجاد حل للأزمة السورية، وفي هذا المجال رأى الكونفرانس أن السعودية قد بالغت في تقديراتها لنتائج سياستها هذه، إذ قد تستفيد من تهدئة الوضع في اليمن إلى حد ما، ولكن إيران لن تتخلى قطعاً عن أذرعها في المنطقة، بل لا تستطيع ذلك، إضافة إلى أن النظام السوري لن يقدم أي تنازل من أجل إيجاد حل للأزمة السورية، وأن عبارة (حل الأزمة خطوة بخطوة) كانت وهماً.

وبخصوص استدارة تركيا بعد نجاح أردوغان وحلفائه في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية الأخيرة بتقربها من الولايات المتحدة وتحسين علاقاتها مع حلف الناتو، فقد رأى الكونفرانس أن تركيا لا تستطيع تخريب علاقاتها مع روسيا، لأنها كانت ولاتزال تحصل على النفط والغاز الروسيين بشكل شبه مجاني (تكلفة الإنتاج فقط) وبالدين، ولهذا السبب فقد تراكمت ديون كبيرة على تركيا لا تستطيع سدادها في ظل التضخم الكبير الذي يواجهه الاقتصاد التركي، خاصة أن موعد سداد تلك الديون هو عام 2024م، ولهذا فإن تركيا أردوغان ستحاول وضع قدم لها في واشنطن، والقدم الأخرى في موسكو باتباع سياسة براغماتية، فهل سينجح أردوغان في ذلك؟ كما أكد الكونفرانس أنه وفقاً للتقارير المتداولة فإن تركيا تعاني من أزمة اقتصادية كبيرة ستظهر نتائجها في المستقبل، وأن استدارة تركيا الحالية وجولته الخليجية لن تنقذ الاقتصاد التركي، وأعرب الرفاق في الكونفرانس أيضاً عن قناعتهم التامة بأن تركيا ستواصل عدوانها على مناطق الإدارة الذاتية وعلى جنوب كردستان، ومحاولة احتلال مزيد من الأراضي تنفيذاً للميثاق الملي التركي، ولن تردعها سوى وحدة الشعب الكردي في مواجهة عدوانها.

وبخصوص الوضع الكردستاني، وبعد مرور /100/ عام على اتفاقية لوزان المشؤومة، وما نتج عنها من تقسيم كردستان الواقعة تحت الاحتلال العثماني بين كل من تركيا والعراق وسوريا، واتباع تلك الدول سياسات انكار وجود الشعب الكردي، سياسات التتريك والتفريس والتعريب بحقه وقيام الشعب الكردي بإشعال عشرات الثورات والانتفاضات قدم خلالها مئات الآلاف من الشهداء، فقد أكد الكونفرانس أنه وبالرغم من أن حركة التحرر الوطني الكردية تشهد اليوم تصاعداً من النضال من أجل انتزاع الحقوق القومية والديمقراطية للشعب الكردي، فإنه غير راض عن وضعها الراهن، وبخاصة لجهة الخلافات البينية بين فصائلها، ودعا إلى حل تلك الخلافات بالحوار السلمي الديمقراطي بما يضمن مصلحة الشعب الكردي، وإلى تجريم الاقتتال الداخلي، وعدم الاستقواء والاعتماد على الأنظمة الغاصبة والحكومات التي تقتسم كردستان، وعدم قيام أي طرف بإقامة علاقات مع تلك الأنظمة والحكومات على حساب الشعب الكردي في ذلك الجزء، كما دعا إلى إقامة العلاقات بين جميع الأطراف على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للأطراف الأخرى، واحترام خصوصية كل جزء من أجزاء كردستان، وإطلاق الحوار الكردي – الكردي باعتباره المدخل الرئيسي إلى التفاهم والتوافق، وأكد الكونفرانس أيضاً أنه بمرور /100/ عام على اتفاقية لوزان فإن من شأن انعقاد مؤتمر قومي كردي، وإقامة حوار كردي – كردي والقيام بترك سياسي ودبلوماسي على الصعيد الدولي أن يؤدي إلى الكثير من التقدم للقضية الكردية.

وعلى الصعيد الحزبي فقد ثمن الكونفرانس عالياً نضال الحزب على جميع الجبهات، حيث ناضل من أجل وحدة الصف الكردي، ووحدة مكونات شمال وشرق سوريا من الكرد والعرب والسريان الآشوريين والأرمن والشركس والشيشان والتركمان، انطلاقاً من رؤية الحزب الاستراتيجية بأن هذه الوحدة تعزز نضال شعبنا وتحمي المكاسب الكبيرة التي تم تحقيقها بدماء الآلاف من شهدائه، وكذلك دفاع الحزب المبدئي عن مواقفه وثوابته الوطنية والقومية والديمقراطية، وتقديمه لرؤيته الخاصة من أجل حل الأزمة السورية، وحل القضية الكردية في سوريا، وتأكيده على أن سوريا المستقبل يجب أن تكون سوريا ديمقراطية تعددية لامركزية.

كما ثمن الكونفرانس نضال الحزب داخل الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية وخارجها من أجل الدفاع عن لقمة الشعب وتحسين مستواه المعيشي، ونضاله بعدالة توزيع الثروة ومحاربة الفساد وظاهرة القطط السمان وتحسين الخدمات المقدمة للشعب من الماء والكهرباء ورغيف الخبز وشبكات الطرق، وقدم رؤيته الخاصة بجرأة وبخاصة في معارضة رفع أسعار المشتقات النفطية وبخاصة مادة المازوت بدون التشاور مع مكونات الإدارة الذاتية، وأكد الكونفرانس على تزويد المشاريع الزراعية بحاجتها من مادة المازوت بالنظر إلى أهمية هذا القطاع الذي بإمكانه تحقيق الاستقرار وحماية الإدارة الذاتية من نتائج الحصار والضغوطات التي تمارسها جهات عديدة، وأكد الكونفرانس على ضرورة الوقوف بحزم إلى جانب نضال الشعب في جميع أجزاء كردستان، وثمن موقف الحزب المبدئي ضد جرائم النظام الإيراني ومع الاحتجاجات التي أعقبت قتل الشابة الكردية جينا أميني، وموقفه من هجمات الدولة التركية على جنوب كردستان، كما وقف وساند إعلامياً شعبنا الكردي في شمال كردستان أثناء الانتخابات الأخيرة في تركيا، وشدد الكونفرانس أيضاً على أن الإدارة الذاتية وانتصارات قوات سوريا الديمقراطية مكسب قومي ووطني كبير وأنه يجب الدفاع عنها بكل الإمكانيات، بما في ذلك النضال من أجل تخليصها من الأخطاء والنواقص التي تسيء إليها، خاصة أن حزبنا قدم العديد من الشهداء في هذا الكفاح، ومستعد لتقديم المزيد من التضحيات.

وقيّم الكونفرانس عالياً حفاظ الحزب على رؤيته الطبقية انطلاقاً من ربط نضاله القومي بالنضال الطبقي المستند إلى رؤيته في الاسترشاد بالمبادئ العامة للماركسية اللينينية كمرشد للعمل، وبمنهجها المادي الديالكتيكي، ووقوفه مع العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين وتمثيل مصالحهم، وبما في ذلك التطويرات المستمرة التي يدخلها الحزب على نظريته بما في ذلك الانفتاح على كل ما هو تقدمي وإيجابي وقيم في تراث الشعب الكردي وآدابه وفولكلوره.

وإذ يعطي الكونفرانس الأولوية لتحرير الأراضي المحتلة، عفرين، سريكانيه، الباب، جرابلس، إعزاز وكري سبي فهو يدعو جميع الوطنيين والتقدميين والديمقراطيين توحيد صفوفهم حول هذا الهدف الأساسي، وأكد الكونفرانس على ضرورة تشديد النضال من أجل حرية المرأة، وإزالة غبن آلاف السنين عنها، وعلى ضرورة إطلاق الطاقات الثورية للشباب وحل مشاكلهم.

واختتم الكونفرانس أعماله بوضع خطة للتحرك على الصعيد التنظيمي، التحرك السياسي، التحرك الإعلامي، التحرك في مجال المرأة والشباب، التحرك الأيديولوجي، وقد اتخذ بشأن ذلك القرارات والتوصيات اللازمة وتم تكليف المكاتب المختصة بإنجازها.

عاش الكونفرانس السابع عشر للحزب

المجد والخلود لشهداء الحرية وشهداء الحزب

عاشت راية الماركسية اللينينية

عاش نضال حزبنا المجيد

 

20/ 8/2023م

 

اللجنة المركزية

للحزب اليساري الكردي في سوريا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى