آراء

دور الإعلام في تشكيل الوعي السياسي

   لاشك أن للإعلام دوراً فعالاً في تشكيل الوعي السياسي لدى كل الشرائح الاجتماعية، ومع تطور وسائل الإعلام أصبح بمقدور أي شخص من الحصول على المعلومة، وهناك منافسة حادة بين الماكينات الإعلامية الضخمة، وهناك يجري تزوير للحقائق لتتماشى وتخدم ايديولوجياتهم، فلو أخذنا ما يجري في قطاع غزة مثالاً، لوجدنا أن الإعلام العربي والتركي والإيراني كلها تغطي مجريات الحرب الدائرة هناك وتحول الانكسار انتصاراً وتفبرك ما شاء لها من الأخبار، أما لو رجعنا إلى احتلال عفرين من قبل الدولة التركية الغازية ومرتزقتها التركسوريين، حيث أن قوات الاحتلال التركي قد منعت دخول أي إعلام محايد وتغطيته للجرائم التي ارتكبوها على أرض عفرين، علماً أن ما اقترفه جنود جيش الاحتلال التركي يفوق آلاف المرات مما تقترفه إسرائيل، ولم نر أي تغطية إعلامية على المستوى المطلوب لتضع الرأي العام العالمي أمام مسؤولياتها وتضع الدول الكبرى الأعضاء في مجلس الأمن الدولي وجهاً لوجه أمام هول الكارثة الإنسانية التي حدثت في عفرين وسريكانيه وكري سبي،  فقد استخدم فيه الجيش الاستعماري التركي الأسلحة المحرمة دولياً كالنابالم والفوسفور ولم يحرك كل ذلك ساكناً ولا تغطية إعلامية كالذي يجري في غزة، بالعكس من ذلك فكانت هناك أبواق إعلامية وناطقة باللغة الكردية مع شديد الأسف تبارك وتبرر للعدو التركي ومرتزقته فعلتهم النكراء، وحتى كان بعض الأبواق يمنون النفس بأن المصير الذي ينتظر الكرد كنفس المصير الذي كان ينتظر الأفغان وهو التعلق والتشبث بدواليب الطائرات الأمريكية وبأن أمريكا راحلة عن المنطقة برمتها، ولكن يبدو أن هؤلاء كان ينقصهم تحليل الواقع الجيوسياسي في المنطقة، فإن المصلحة الجيوستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من التحالف الدولي وبقائها أقوى بكثير من أن تغادر هذه الجغرافيا (شمال شرق سوريا) وتترك المنطقة لقمة سائغة للمد الإيراني والتركي جارتا السوء اللتان عاثتا في المنطقة فساداً وإجراماً وأوقعا كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن في وحل المذهبية والطائفية وأوغلا في ظلم وتشريد الشعب الكردي وتغيير ديموغرافيته.

   لقد قال وزير الاقتصاد الهندي بعيد الحرب القائمة في غزة: إنني أشعر بقلق بالغ حيال مصير طريق التجارة الحيوي والذي يمتد من ميناء مومباي في الهند مروراً بالإمارات فالسعودية إلى الأردن ومنها إلى ميناء حيفا.

   ختاماً، إن الصراعات القائمة في الشرق الأوسط هي صراعات اقتصادية بالدرجة الأولى وصراعات على خطوط الغاز والبترول وطرق التجارة وورائها كلها لاعبين دوليين كبار كالولايات المتحدة والصين وبريطانيا وروسيا والكل يريد حصته من الكعكة الشرق أوسطية لهذا فإن الولايات المتحدة تتخذ من الكرد كقوة نامية حليفاً استراتيجياً لها ونبارك سعيها ونجاحها أخيراً في توحيد قوات البيشمركة في إقليم كردستان العراق başûrê kurdistanê … فسبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من واشنطن إلى قامشلوكا أفيني.

محمد عبد الكريم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى