بيانات

عاشت الذكرى السادسة والخمسون لانطلاقة الحزب اليساري الكردي في سوريا

أيها العمال والفلاحون والمثقفون الثوريون..

أيها الوطنيون والتقدميون والديمقراطيون..

يا أبناء وبنات شعبنا الكردي العظيم..

   في الخامس من شهر آب من هذا العام يكون الحزب اليساري الكردي في سوريا قد طوى /56/ عاماً من النضال الدؤوب على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، قدم خلالها كل الجهود والتضحيات من أجل انتزاع الحقوق القومية والديمقراطية للشعب الكردي، ولضمان الحياة الحرة الكريمة لكل السوريين من العرب والكرد والسريان والأرمن وغيرهم، وبهذه المناسبة السعيدة تتقدم اللجنة المركزية للحزب بأحر التحيات والتهاني القلبية إلى جميع مناضلي الحزب ومؤيديه وجماهيره، وإلى من وضع لبنة في صرح هذا الحزب المجيد، وإلى جميع أبناء الشعب الكردي في عموم أجزاء كردستان في الوطن والمهاجر وإلى جميع السوريين على اختلاف انتماءاتهم، وتعاهدهم بالاستمرار في طريق النضال الثوري من أجل حرية الشعب الكردي وانتزاع حقوقه القومية والديمقراطية وإزالة الاضطهاد القومي والاجتماعي بحقه، ومن أجل الوصول إلى حياة تليق بالإنسان.

   لقد كانت انطلاقة /5/ آب 1965م، ولادة الحزب اليساري الكردي في سوريا، حاجة موضوعية لتطوير نضال الشعب الكردي وتحقيق حريته، إذ جاءت في معمعان النضال القومي والاجتماعي رداً على الأزمة العميقة التي كان يعانيها الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا، وانسجاماً مع تطورات النضال القومي والطبقي في المنطقة والعالم، والتي كانت تستدعي وجود تيار يساري مستقل تنظيمياً وسياسياً وفكرياً، وبهذا فقد شكلت هذه الانطلاقة انعطافاً حقيقياً في نضال الشعب الكردي.

   ومنذ انطلاقته فقد واصل الحزب – وبالرغم من كل المؤامرات والعقبات – نضاله على كافة الصعد القومية والاجتماعية والثقافية وقدم التضحيات اللازمة، وهو يحتل مكانه اللائق اليوم في خضم ثورة روج آفاي كردستان وكشريك مساهم في بناء الإدارة الذاتية التي حققت الكثير من الانتصارات والمكاسب، وقدم في سبيل ذلك الكثير من الشهداء من بين صفوف مناضليه، كما يحتل مكانته اللائقة بين أطراف حركة التحرر الوطني الكردستانية.

 يا أبناء وبنات شعبنا الكردي العظيم..

     تأتي هذه الذكرى في ظل أوضاع دولية تتميز بالنشاط المحموم من أجل إنهاء دور القطب الدولي الأوحد الذي تتزعمه الولايات المتحدة، إذ تسعى دول مثل الصين كقوة اقتصادية كبرى وروسيا كقوة عسكرية نووية كبرى إلى الإعلان عن نفسها بكونها أقطاب دولية أخرى، وبأن زمن القطب الأوحد قد ولى، ومن أجل ذلك فهي تتدخل في معظم أحداث العالم، وتعلن صراحة عن تحالفات دولية جديدة، ومن أجل ذلك تحتدم التطورات والصراعات والاستقطابات الدولية، ولذلك فإنه من الطبيعي أن تنعكس أصداء هذه التطورات على جميع دول العالم، وأن يكون تصعيد التوتر في العلاقات الدولية سمة هذه المرحلة.

   وفي الشرق الأوسط فإن الأوضاع تزداد توتراً، ولا تكاد توجد دولة فيها تعيش ظروفاً طبيعية سواء بسبب موجة الإرهاب التي تضرب المنطقة بكاملها أو بسبب الأنظمة الدكتاتورية والفاسدة التي تقمع حرية شعوبها، وينطبق عليها فعلاً مقولة أن الشرق الأوسط يجلس على برميل من البارود، ولا شك أن الملف النووي الإيراني وسياساتها التوسعية يلعب دوراً كبيراً في زيادة التوتر في المنطقة وفي توتير العلاقات الدولية أيضاً.

   بالرغم من مرور أكثر من /10/ سنوات على الأزمة السورية فإنها لاتزال مستمرة دون أن تلوح في الأفق أية بوادر إيجابية لحلها، وتستمر معها معاناة السوريين بين تعنت النظام ودعم مؤيديه، وبين ما يسمى بالمعارضة الموالية لتركيا ولجماعة الإخوان المسلمين والمعارضة المسلحة على غرار جبهة النصرة وداعش وغيرها.

   يولي الحزب الأولوية لمسألة تحرير المناطق المحتلة وبخاصة عفرين وسري كانيه وكَري سبي من احتلال تركيا ومرتزقتها الذين يمارسون كل الجرائم والموبقات في المناطق المحتلة بدءاً من سياسة التغيير الديموغرافي وتهجير السكان من مناطقهم، مروراً بالقتل والنهب والسلب لممتلكات المواطنين العزل، واختطاف السكان وتعذيبهم، ونعتبر الدولة التركية مسؤولة عن هذه الجرائم باعتبارها دولة احتلال، وكذلك ما تسمى بالمعارضة السورية التي تحولت إلى مجموعات مرتزقة تستخدمها تركيا في سياساتها الإجرامية ليس فقط في سوريا، وإنما في جميع أنحاء العالم، وليبيا وناغورني قره باغ دليلان ساطعان أمام أنظار المجتمع الدولي، وتفقد هذه المعارضة الآن كل الشرعية بممارساتها الإجرامية التي حولتها إلى أداة بيد الدولة التركية التي تستخدمها من أجل تحقيق غاياتها الدنيئة بقيادة جماعة الإخوان المسلمين العالمية، ونرى أنه إذا كان قد بقي إلى الآن وطني وديمقراطي واحد في ما يسمى بالائتلاف السوري العميل فعليه مغادرته.

   يدين الحزب السياسات العدوانية للدولة التركية واعتداءاتها على كامل الشمال السوري وفي مقدمتها مناطق الإدارة الذاتية، واعتداءاتها على مناطق باشور كردستان، واتباعها سياسة القتل والتشريد بحق السكان الآمنين، واحتلالها لمساحات واسعة من أراضي باشور كردستان، ويدين الحزب أيضاً سياسات تركيا الإجرامية في ليبيا وعموم أفريقيا ومصر واليونان وقبرص وغيرها، هذه الاعتداءات والمخططات التي تجري برعاية جماعة الإخوان المسلمين العالمية من أجل إعادة أمجاد السلطنة العثمانية والعثمانية الجديدة، ويطالب الحزب كل تلك الجهات بتوحيد مواقفها وجهودها من أجل صد هذه الموجة التوسعية والإجرامية، ويدين الحزب أيضاً سياسات التوسع الإيرانية في عموم المنطقة، ويعتبر أن أي جهد حقيقي من أجل حماية منطقة الشرق الأوسط، وبالأخص من أجل إيجاد حل حقيقي للأزمة السورية يجب أن يقوم على أساس وضع حد لممارسات تركيا وإيران، ووضع حد لتوجهاتها التوسعية، إذ لا حل للأزمة السورية بدون إخراجهما منها.

   يرى الحزب أن الأزمة السورية قد خرجت من الإطار الداخلي السوري إلى الإطارين الإقليمي والدولي، وأن ما يجري في سوريا هو أشبه بحرب عالمية ثالثة بالنظر إلى عدد الدول المتدخلة فيها عسكرياً وسياسياً وهذا ما يعقدها أكثر فأكثر بالنظر إلى الخلافات والصراعات بين تلك الدول المتدخلة وأهدافها، وعليه فإننا نطالب كل السوريين على اختلاف انتماءاتهم بالعودة إلى الأساس، إلى العامل السوري الذي اغتصبه الغير، لأن الحل الوحيد للأزمة السورية هو الحل الذي ينبع من حوار السوريين أنفسهم بشكل حر ودون تدخلات خارجية.

   إن بناء الإدارة الذاتية وتحرير مناطق روج آفاي كردستان – شمال وشرق سوريا من قبل قوات سوريا الديمقراطية، ووحدات حماية الشعب والمرأة وبدماء آلاف الشهداء، يعتبر انجازاً تاريخياً كبيراً لثورة روج آفاي كردستان يجب حمايته بكل قوة من كافة الجهات المعادية الداخلية والخارجية، كما يجب تطوير هذه الإدارة باستمرار وتخليصها من الأخطاء والنواقص، وفي المرحلة الحالية يجب تعميق هذه التجربة الديمقراطية من كافة النواحي السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وتحسين الوضع المعيشي لجماهير الشعب والاهتمام بالزراعة وتطويرها والعمل على تحسين الخدمات من الماء والكهرباء والخبز والطرق، وتطوير التعليم والصحة والتصدي لكافة أشكال الفساد.

   ويرى الحزب أن وحدة الصف الكردي مهمة رئيسية وهدف يجب العمل بجدية على بلوغها باعتبار أن قوة الكرد في وحدتهم، هذه الوحدة التي كانت على الدوام مستهدفة من قبل كل غاصبي كردستان، وفي نفس الوقت فإن وحدة مكونات شمال وشرق سوريا من الكرد والعرب والسريان زغيرهم مهمة رئيسية وهدف يجب العمل بجدية على بلوغها، وليس هناك أي تناقض بين تلك المكونات، وإنما تربطهما وحدة ديالكتيكية وتكمل إحداهما الأخرى.

   يولي الحزب أهمية كبرى لدور الشباب والمرأة، ويعتبر ذلك من أولوياته، خاصة في ظروف ثورة روج آفاي كردستان، حيث يلعب فيها الشباب والمرأة دوراً رئيسياً، ولأنها ستتولى في المستقبل ليس فقط قيادة الأحزاب وإنما قيادة الشعب أيضاً.

   في الذكرى السادسة والخمسين لانطلاقته يجدد الحزب اليساري الكردي في سوريا نضاله على كافة المستويات الفكرية والسياسية والتنظيمية، من خلال مراجعة شاملة ومسؤولة لكل خططه وبرامجه وسياساته بهدف تفعيل جميع هيئات الحزب، فهو كحزب يهتدي بالنظرية الماركسية اللينينية ومنهجها المادي الديالكتيكي يجب أن يتابع عملية التجديد الفكري التي يجب أن لا تتوقف والتي يجب أن تستفيد من آخر منجزات الثورة العلمية ومن كل ما هو تقدمي وإيجابي وقيّم في تراث شعبنا الكردي وبضمنه تطوير إعلام الحزب ليستطيع مواكبة التطورات الجارية على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، ويولي الحزب الأهمية الكبرى إلى تنظيم الحزب وتطويره وبناء مؤسساته وتعزيز دور المرأة والشباب، وتنفيذ شعار المؤتمر الخامس عشر للحزب نحو (حماية الحزب وتجديده وتطويره).

عاشت الذكرى السادسة والخمسون لانطلاقة الحزب اليساري الكردي في سوريا

المجد والخلود لجميع شهداء الحرية وشهداء الحزب

عاش نضال حزبنا المجيد

5 آب 2021م

                                                                                                   اللجنة المركزية

                                                                                        للحزب اليساري الكردي في سوريا   

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى