آراء

أزمات النظام السوري الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تتفاقم

   أعلنت رئاسة مجلس الوزراء في سوريا اعتبار يوم الأحد من كل أسبوع عطلة رسمية بالإضافة إلى يومي الجمعة والسبت، وبررت بأن ذلك يعود لهدف تخفيف النفقات من المحروقات والكهرباء وغيرها من النفقات الإدارية، ومن جهة أخرى قام أهالي محافظة السويداء باحتجاجات واسعة بما في ذلك اقتحام مركز المحافظة وحرق بعض محتوياتها بسبب سوء الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعار المواد، وأيضاً المطالبة بالحريات الديمقراطية ومنع انتهاكات حقوق الإنسان، والمطالبة بأن تدير المحافظة شؤونها بشكل ذاتي بعيداً عن الأجهزة الحكومية الفاسدة، وفي الوقت نفسه عمت في العاصمة دمشق مطالبات بتحسين الوضع المعيشي وتأمين الكهرباء والمحروقات للتدفئة ووسائل المواصلات ولإدارة المنشآت ولاستمرار عملية إنتاج المواد بما في ذلك المواد الغذائية الضرورية للشعب وبخاصة الخبز وتأمين مستلزمات المعيشة، وفي الواقع فإن هذه الحالة موجودة في كل مناطق سيطرة النظام حيث تسوء الأوضاع المعيشية بشكل مستمر.

   وإذا كان النظام يلجأ في بعض المناطق إلى استعمال العنف كالقتل والاعتقال والتعذيب لإسكات الاحتجاجات فإنه لا يمكنه استعمال نفس الإجراءات وبنفس الوتيرة في كل مناطق سيطرته. إن استعمال العنف هو وسيلة النظام الرئيسية في بعض المناطق كمحافظة السويداء مثلاً، ولكنه يقوم بالتغطية على فشله بواسطة الإعلام التابع له وعن طريق أجهزة الأمن والاستخبارات والدعاية المضللة، وإلقاء اللوم على الغير متناسياً أنه يتحمل المسؤولية الرئيسية عما وصلت إليه الأوضاع في البلاد لعدم تقديمه أي حل للأزمة السورية سوى الحل العسكري والأمني وبسبب تمسكه الشديد بالسلطة والوقوف ضد أي تغيير حقيقي نحو نظام ديمقراطي في بنية النظام.

   اعتمد النظام لفترة طويلة على المساعدات التي كان حلفاء النظام – أي الإيرانيون والروس – يقدمها له، ولكن إيران نفسها تعاني منذ أكثر من ثلاثة أشهر من احتجاجات شعبية تحولت إلى ثورة تهدد النظام برمته، وتعاني أيضاً من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، ولم تعد قادرة على تقديم المساعدات التي بإمكانها حل مشاكل النظام السوري الاقتصادية، ومثلها روسيا التي تعاني من وضع اقتصادي صعب بسبب حربها في أوكرانيا، وبسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضها عليه الغرب وحلفاؤها.

   إن هذا الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني المنهار، وعجز النظام عن تقديم الحلول الواقعية لها سيؤدي إلى المزيد من الاحتقان الشعبي والمحتقن فعلاً وإلى مزيد من الاحتجاجات مثل ما يحدث الآن من قبل أصحاب الأفران وبعض المنشآت الاقتصادية الأخرى، وسيوقف عجلة إنتاج ما هو قائم الآن وبالتالي المجاعة وهي الحالة التي يعانيها سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، ولن يكون من المستبعد قيام احتجاجات على غرار الاحتجاجات القائمة في إيران، وفي ظروف قانون قيصر والعقوبات المفروضة على النظام السوري فإنه من المتوقع أن تشتد الأزمة الاقتصادية لدى النظام أكثر فأكثر، وأن يتعاظم في الوقت نفسه عجز النظام عن تقديم الحلول، وبالتالي فإنه سيكون أمام ضرورة إيجاد حلول جذرية وحقيقية ولن تفيده الترقيعات، والحل الجذري يرتبط بالضرورة بإيجاد الحل الشامل للأزمة السورية.

   ونود هنا التأكيد على أن ما يجري تداوله الآن بشأن المصالحة بين النظام وما يسمى بالمعارضة السورية التي تطرحها تركيا وتقف وراءها روسيا لن يكون الحل المنشود للأزمة السورية، بل أن ذلك سيعقد الأزمة أكثر فأكثر، وسيجعل الدولة السورية بشكل دائم تحت مفاعيل مصالح تركيا وإيران وروسيا، ولكن تكون سوريا بموجب تلك المصالحة والتي على شاكلتها دولة مستقلة استقلالاً حقيقياً وذات سيادة.

   إن الحل الحقيقي للأزمة السورية هو الحل الذي يتوصل إليه السوريون أنفسهم وبإرادتهم الحرة، عبر الحوار السوري – السوري وفي ظل رعاية دولية من الأمم المتحدة. إن الحل الحقيقي للأزمة السورية الذي يجب التوصل إليه عبر الحوار الديمقراطي بين النظام والإدارة الذاتية والمعارضة الوطنية الديمقراطية وليس المعارضة التي لحم أكتافها وسلاحها وتمويلها وتوجيهها من تركيا.

   إننا ندعو كافة أطراف المعارضة الوطنية الديمقراطية في سوريا إلى الوحدة وإعلان مشروعها الخاص للحل الديمقراطي، ونطالب النظام بأن يمتلك قراره الخاص والتخلي عن التشبث بالسلطة والثروة والانضمام إلى هذا الحوار السوري – السوري والتخلي عن تعنته والعمل بجدية أن تكون سوريا دولة ديمقراطية، تعددية، لا مركزية، تتمتع فيها جميع المكونات السورية بحقوقها القومية والديمقراطية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى