آراء

الأفغانيون في كَري سبي.. الفلسطينيون في عفرين

فتح الله حسيني

   في أخطر عمليات التغيير الديمغرافي الجارية في المناطق المحتلة من قبل الدولة التركية في سوريا وروجآفا، فقد دخلت عشرات العائلات الأفغانية عن طريق باصات ترفع العلم التركي عبر المعابر غير الشرعية التي تربط تركيا بمقاطعة كري سبي المحتلة، وتم توطينهم في منازل المهجرين الكرد والعرب قسراً من كري سبي، هذه العوائل الأفغانية الهاربة حديثاً من الوضع الأمني الذي توتر مؤخراً بعد تقدم حركة طالبان المتشددة على حساب القوات الحكومية بعد إعلان انسحاب القوات الأمريكية من قواعدها العسكرية في أفغانستان، حيث كانت قد بدأت تركيا فعلياً قبل أكثر من عام عمليات التتريك في كل المدن الواقعة تحت احتلالها.

   تأتي هذه العملية الخطيرة، بعد أقل من أسبوع من دخول عشرات العوائل الفلسطينية الهاربة من توترات قطاع غزة، إلى مقاطعة عفرين الكردية المحتلة أيضاً، وتم توطينهم في عفرين، في سياسة إبادة واضحة تصبو إلى مصاف إنهاء الوجود الكردي في المدن المحتلة من قبل تركيا وفصائل المرتزقة التابعة لها، وذلك بدعم قطري غير سري، لخلط الأوراق وربما سيتطلب ذلك عشرات الأعوام للتخلص من آثار التعريب والتتريك إن لم تكن عملية ميدانية دائمة، وهذا ما تطمح إليه تركيا إذا لم يتم ردعها دولياً وإفساح المجال ليدها الطولى بالتدخل أكثر في ظل صمت مطبق قبل المجتمع الدولي الذي بات متفرجاً سلبياً على عموم الكارثة السورية، وأهم تلك الكوارث التي تصدرها تركيا من حدودها إلى حدود سوريا بل وباتت تركيا جزءاً من فوضى الخارطة السورية لأن انتشارها عسكرياً بات أكثر من الانتشار العسكري السوري النظامي وحتى أكثر من الروسي، وهذه بحد ذاته رهانات تركية سيتطلب التفاوض عليها خسارة الكثير من الأوراق التي يملكها النظام السوري أو مسؤولي الإدارة الذاتية الكردية في قادم الأيام، وتأتي كل تلك الفوضى التركية في سوريا في وقت، أن ملايين  المواطنين الأتراك باتوا يتغذون من حاويات القمامة، بحسب ما أعلنه زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليجدار أوغلو، مبيناً أن تركيا تحتاج إلى بداية جديدة لإزالة المشاهد التي نرى فيها الملايين يتغذون من حاويات القمامة.

   تركيا التي تعيش واقع فوضى سياسية، ما زالت متشبثة بإثارة الفوضى في الجوار، وربما ما أعلن عنه الصحفي التركي فهيم تاشكين، بأن: تركيا تستعد لإرسال مقاتلين سوريين إلى أفغانستان، وذلك بعد أن جلبت تركيا ذاتها عشرات العوائل الأفغانية من بلادها إلى كري سبي.

   وأوضح تاشكين أن جهاز المخابرات الوطني التركي، تحدث مع ممثلي قادة “الجيش الوطني السوري” وهو جيش سوري تابع إلى تركيا من أجل التعبئة والاستعداد لإرسال 2000 مقاتل منهم إلى أفغانستان.

   بين دخول القوات التركية إلى المدن السورية العربية والكردية المحتلة، ودخول القوات ذاتها إلى كاراباغ وليبيا والآن أفغانستان هنالك فجوة عميقة في المسؤولية الواقعة على عاتق المجتمع الدولي الخائف ربما من تركيا أو الخانع لصفقات تركيا المترامية بين الدول حتى باتت تركيا جزءاً من الهم اليومي العالمي، وربما هذا ما أراد قوله رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي في خطابه الأخير من استانبول بأن أي رئيس يستطيع أن يتحدث أربع وعشرين ساعة على مدار أربع وعشرين ساعة.. في إشارة إلى رئيس بلاده رجب طيب أردوغان.

   التتريك عملية غير جديدة في المنطقة، ولكن أن يتم التغيير عشوائياً لإنهاء كيان شعب يعيش على أرضه التاريخية وتحت سماء بلاده دون موقف خارجي قوي هو بحد ذاته مشاركة دولية في الإبادة السياسية التي تنتهجها تركيا ضد الكرد أينما كانوا وخاصة في روجآفا.

فتح الله حسيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى