ثقافة ومجتمع

تأثير الحالة المعنوية على القدرات الجسدية للفرد

في الحقيقة كل إنسان يمتلك من القدرات الكثير، ولديه من الإمكانات ما يجعله قادراً على صنع المعجزات، شرط أن يكون لديه نية واضحة في الحياة، ورغبة جامحة اتجاه العمل والمثابرة، وأن يكون الاندفاع عنده أكبر مما يظهر في الأحوال العادية، لأن ما هو مطلوب للإبداع والتميز أكبر بكثير مما هو مطلوب لممارسة الحياة العادية.

   ومن الملاحظ أن معظم البشر يستطيعون بذل مزيد من الجهد عندما يجدون التشجيع، ويتوقفون عن العمل عندما لا يجدون التقدير الكافي، وعندما لا يجدون أن ما يقدمونه يلقى الرضا، حتى لو كان متواضعاً بعض الشيء، يتوقفون عما بدأوا به، لأن التحفيز الدائم يستنهض القدرات الكامنة في الفرد، ويجعله مقبلاً على ما عقد العزم عليه بهمة واقتدار، حيث الإحباط أمر خطير، ويفرض على الأذهان قيوداً، تنعكس سلباً على القدرات الجسدية لدى هذا الشخص أو ذاك، فتجعل منه شخصاً خاملاً متطفلاً على الآخرين، ينتظر منهم الحسنات والمساعدات، أو على الأقل تثبط إمكانات الجسد، أو توهمه بوجودها.

   إن تكيف الفرد مع بيئته المحيطة يكوّن الصحة النفسية لديه، والفرد الذي يستطيع التوافق مع نفسه ومع المحيط، يتمتع بصحة نفسية جيدة تساعده على استغلال الحركة الموجودة لديه وتطويرها، كما أن من يتمتع بصحة نفسية جيدة قادر على تأمين احتياجاته الشخصية كاملة، ويستطيع الانخراط بالمجتمع بشكل جيد حتى وإن كان من أصحاب الإعاقة الجسدية، كما يستطيع التعبير عن رغباته وميوله ومشاعره والقيام بمهام اجتماعية متعددة، وعلى العكس فعندما تتأثر الحالة النفسية فإن ذلك يؤدي لظهور الأمراض الجسدية نتيجة شعوره بالاضطهاد النفسي.

   بغض النظر عن الكثير من التحاليل والتجارب التي تجرى لمعرفة مدى ارتباط القدرة الجسدية بالحالة المعنوية أو النفسية، وما يقال عن أهمية الأمل بحياة الإنسان، هناك نقطة لابد من إلقاء الضوء عليها: هي مدى ارتباط ما يستطيع الإنسان فعله، إذا ارتبط ذلك بنيته على الإقدام نحو العمل، والحالة النفسية التي يعيشها، حيث أن هناك شخصاً قد ينام لعدد معين من الساعات، ومع ذلك لا يريد الاستيقاظ للذهاب للعمل ويشعر أنه ليس لديه طاقة لذلك، في الوقت الذي ينام فيه آخر نصف أو ربع الساعات التي غفاها غيره، وربما ساعة واحدة منها، ثم تراه يقفز من سريره بسرعة للتحضير لرحلة ممتعة مع أصدقائه، أو لإنجاز ما تبقى له من أعمال في اليوم السابق، وهذا يأتي من ظن الشخص بأنه لن يكون قادراً على إنجاز العمل، بينما الحقيقة غير ذلك، لأن صراع الكسل مع الاجتهاد في تلك اللحظة يحتدم إلى أعلى مستوياته، وتصبح القصة معركة كسر عظم حقيقية، فإما الاستسلام مرة أخرى للنوم والبقاء في المنزل، وإما الانتصار والنهوض بكل ما أوتي من قوة، وبالتالي الوقوف من الفراش دون النظر إلى الوسادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى