ثقافة ومجتمع

لقاحات كورونا.. بين الإقبال والإعراض

   منذ إعلان مرض كوفيد-19 جائحةً عالمية في فبراير 2020م، يشهد العالم تهديدًا مستمرّاً، ومع ارتفاع معدل الوفيات وظهور المتحورات الفيروسية، واحد تلو الآخر، يزداد القلق والخوف، وعلى الرغم من توافر عدة لقاحات للوقاية من المرض، لا يزال الوضع غير مطمئن، وذلك نتيجة لإعراض فئة كبيرة من الناس عن تلقّي اللقاح، فما الأسباب وراء هذه الظاهرة التي تمثل خطراً كبيراً على العالم بأجمعه؟ وكيف يمكن التصدي لها؟

   اختلفت الأسباب حول الخوف الحالي من اللقاح، ولكن ربما أبرزها كانت سرعة التوصل للقاح الذي عادة يستغرق أعواماً. ولكن منظمة الصحة العالمية تُرجع ذلك إلى التطور العلمي وضخ الاستثمارات من دول مختلفة على مدار العام الماضي من أجل التوصل إليه وهو ما أدى لتقليص المدة الزمنية.

   أما بالنسبة للآثار الجانبية – بحسب منظمة الصحة العالمية – فإن هذا التخوف صحيح بدرجة ما ولكن يجب التفرقة بين الآثار الجانبية البسيطة والخطيرة، والمؤشرات حتى الآن تؤكد عدم وجود آثار جانبية شديدة على المدى الطويل.

   البعض أبدى تخوفه لقاحات معينة نظراً لعدم ثبوتية فعاليتها خاصة في ظل المتحورات الجديدة، وهذا ما أكده المواطن حسام (50 عاماً) الذي يعمل في مجال البناء، حيث قال: “لست مع اللقاح لأن المتحورات الجديدة لفيروس كوفيد -19 قد تؤدي إلى إصابة الشخص مرة أخرى بعد أخذ اللقاح”.

   أما السيد شفان (35 عاماً)، صاحب مكتبة، والذي أشار بدوره إلى رفض اللقاح، وقد أرجع سبب رفضه للقاح إلى عدم الثقة باللقاحات المتوفرة، والتي لم تثبت حتى الآن مدى تأثيرها الطويل الأمد.

   أما السيدة ف س (40 عاماً)، معلمة، فقد أكدت على أهمية اللقاح ومدى تأثيره في الوقاية من مرض كورونا، وأشارت بدورها إلى أنها على استعداد لأخذ اللقاح إن توفر ذلك.

   السيد محمد (29 عاماً)، صاحب محل حلويات، أكد أنه باللقاح يستطيع الشخص التغلب على الفيروس، وكسر حاجز الخوف لديه.

رأي الأطباء:

   يقول الطبيب خ ح: “تختلف الأسباب لدى رافضي اللقاح بين عدم الثقة باللقاح، والقلق من التأثير بعيد المدى له، وكذلك الشك في أهمية اللقاح من الأساس”.

   يضيف “ح”: “إن رفض اللقاحات هو أمرٌ خطيرٌ نشأ مع بداية تصنيعها؛ إذ ظهرت فئات متنوعة من الناس رافضين اللقاح بشكل قطعي، من ضمنهم أساتذة وأطباء متخصصون وعلى مستوى العالم”.

   يشارك “د م”، صيدلي، تجربته معنا قائلاً: “كصيدلي أقابل يوميًّا العديد من المرضى المتخوفين من اللقاحات ومضاعفاتها، ولديهم تساؤلات عديدة بشأنها، تتسع هذه الحالة من القلق لتشمل بعض الأطباء كذلك”.

   ويرجع “م” الخوف من اللقاحات إلى غريزة البقاء الأساسية، إذ تمثل اللقاحات للبعض أمرًا مجهولًا ومُهددًا، يقول: “الشعور بالخوف يعمل على إلغاء التفكير المنطقي والعقلية النقدية، ومعظم الناس تحصل على معلوماتها بشكل سريع وغير عميق، دون البحث عن مصادر أخرى لتأكيد صحة المعلومات”.

دور الإعلام:

   إن رفض اللقاحات ومقاومتها أو التردد في أخذها أو التخوف منها هي بعض المظاهر السلبية الناتجة عما يسمى بالوباء المعلوماتي الذي واكب ظهور جائحة كوفيد-19، والذي يتمثل في تدفق سيل من المعلومات بعضها مغلوط وبعضها مضلل، وأغلبها يندرج في إطار الشائعات، مما يتسبب في إغراق المتلقي حول الجائحة وكل ما يتعلق بها، سواء الأسباب أو طرق العدوى أو المنشأ أو التدابير الوقائية أو اللقاح، فالوجود النشط وغير المنضبط لوسائل التواصل الاجتماعي وسهولة التعامل معها بلا رقيب أدى إلى تفاقم هذه الظاهرة، وشجَّع غير المختصين ومدعي العلم على الإدلاء بدلوهم في قضايا علمية هم غير ملمِّين بها، وهذا ما أكدته دراسة بريطانية حديثة نشرها باحثون من جامعة أكسفورد وجامعة ساوثهامبتون، أفادت بأن “أولئك الذين يحصلون على معلوماتهم من وسائل التواصل الاجتماعي غير المنظمة نسبياً مثل موقع يوتيوب، هم أقل استعداداً لتلقي اللقاح”.

   إن رفض اللقاحات أو الإقبال عليها ليس ظاهرة جديدة، بل تقريباً في كل مرة يظهر فيها لقاح جديد يظهر من يشكك فيه، وهناك حركات مناهضة للتطعيم أو التطعيم ضد أمراض بعينها.

   وتبقى التوعية بوجود مثل هذه الحالات ضرورية للتغلب عليها، وتشجع على التفكير بشكل منطقي في كل المميزات أو العيوب المحتملة.

ت: عزيز احمو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى