آراء

الفاشية التركية تحمل في داخلها مكونات تدميرها

   حقيقة الأمر يعتبر الغلو في التعصب القومي هي السمة الأبرز للحكومات التركية المتعاقبة، وقد تمثلت في حكومة العدالة والتنمية خير تمثيل حيث الأيديولوجية المتطرفة التي تمتاز بها لتبقى حفيدة الفوضى السياسية التي تعصف بالمجتمع التركي، وابنة الانهيار الاقتصادي المتهاوي تحت سقف خيبة الأمل الشعبي ولهذا يبقى التطرف سيد الموقف في المجتمع التركي المشبع إلى حد التخمة برواسب الأمجاد العثمانية وتاريخها الحافل بالقتل والإبادات الممنهجة ضد الشعوب الكردية والأرمنية واليونانية والسريانية القاطنة بين ظهرانيها، وستدفعه هذه الذهنية المقيتة في المستقبل للإيغال في مزيد من الجرائم والتهور، وهنا نتطرق إلى حالة التقارب الذي ارتقى إلى مرحلة التطبيع بين النظامين السوري والتركي وبمساعي العراب الروسي، نلاحظ أن هناك تناقض واضح في الأهداف والغايات لكل طرف، حيث أن النظام التركي يسعى من خلال هذا التطبيع بالدرجة الأولى على إنهاء وجود قوات سوريا الديمقراطية والقضاء عليها وتسهيل عودة اللاجئين السوريين واستيطانهم في جغرافيا روجآفاي كردستان لتغيير طبيعتها الديموغرافية لصالح المستوطنين العرب، فهذه الجغرافيا تشاطر الدولة التركية بحدود يتجاوز طوله 700كم وبهذا تكون قد أنجزت الجزء الأهم من الميثاق الملي السيء الصيت والذي يمتد من حلب مروراً بموصل وحتى كركوك وتعتبرها أراض تركية، وتكون قد كسبت ود الشارع التركي حيث الانتخابات على الأبواب.

   أما النظام السوري فهو يعطي الأولوية للملف الاقتصادي وفتح المعابر وطريق M4 للخروج ولو بشكل إسعافي من الخناق الاقتصادي الذي بات يشكل خطراً حقيقياً على مبررات بقائه كنظام وقد تلقى أردوغان وطاقمه ضربات عدة بعد التطبيع مع النظام السوري أولها جاءت من الولايات المتحدة الأمريكية حيث حذرت الدول قاطبة من مغبة التطبيع مع النظام السوري وتعويمه وملاحقة النظام تحت جريمة تصدير الكبتاغون، وكذلك فقد دعمت قوات سوريا الديمقراطية بأسلحة نوعية بحيث تكون قادرة على صد أي هجوم بري من قبل الأتراك.

   كذلك اشترط رئيس النظام السوري قبل اللقاء بأردوغان بخروج القوات التركية المحتلة من كامل الأراضي السورية، ناهيك عن أن أردوغان تلقى ضربة من قبل حزب الشعوب الديمقراطية في تركيا حيث رفض طلب العدالة والتنمية للقاء به، وفي مناطق زاب ومتينا اضطرت القوات التركية الغازية بإخلاء عشرات المواقع والانسحاب نتيجة التي تلقاها على أيدي قوات الكَريلا وبتغطية مباشرة من قناة روداو.

   أما فيما يتعلق بالمعارضة الإخوانية والائتلاف التركسوري فلا زالوا يبررون لأردوغان فعلته ويرقعون عباءته ويسترون عورته، بعد أن فضح عوراتهم وجعلهم مادة للسخرية وتم تتويج هذا السيناريو بحفل الاستقبال للسيد سالم المسلط في إعزاز حيث ولى مذموماً مدحوراً أمام سخط المتظاهرين الرافضين للتطبيع في إعزاز والذين سحبوا البساط من تحت رجل الائتلاف، ذلك الائتلاف الذي يفتقر إلى القراءة الاستراتيجية للأزمة السورية، وجعلوا من كيانهم ورقة رابحة بيد أردوغان.

   أما الجيدون في الداخل التركي الذين ربطوا مصيرهم بمصير الائتلاف الإخواني فهم ماضون قدماً في تكريس التبعية للمحتل التركي وتكريس الخنوع لعقود قادمة للحفاظ على مصالحهم الشخصية ومدخراتهم التي حصلوا عليها خلال تلك السنوات العجاف من عمر (الثورة السورية)، ولا يمكنهم الإفلات من هذه السقطة الأخلاقية المشينة والسقوط الحر نحو الهاوية وهم تلقوا التطبيع التركي السوري كوقع الصاعقة ويموتون كمداً في كل ساعة، ويدركون أن عبوديتهم قد دنت وشارفت على الانتهاء.

محمد شيخموس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى