آراء

انعكاسات الأزمة السورية من دمشق إلى قامشلو

   بينما تتحضر مناطق شمال وشرق سوريا، لخوض الانتخابات المحلية، في شهر نيسان المقبل، بعد المصادقة على قانون الانتخابات وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات من قبل مجلس الشعوب الديمقراطي، وترتيب الأولويات رغم القصف اليومي على تلك المناطق وخاصة مصادر الطاقة، إلا أن العملية السياسية جارية على قدم وساق، لتهيئة الظروف المناسبة لعدم الرضوخ لتلك الهجمات الخارجية، وهذه تتطلب إرادة قوية من مسؤولي وأحزاب الإدارة الذاتية والشعوب المنضوية تحت خيمتها، وبات رهاناً يجب إنجاحه، وفق ما هو معلن.

   بالتزامن مع ما يجري في مناطق شمال وشرق سوريا، من سير العملية السياسية الآمنة، رغم ظروف الحرب المفروضة، فقد أعلنت تقارير أممية عن أن مناطق حكومة المعارضة العربية ساحات للابتزاز وجمع الغنائم على حساب المواطنين وسط فقدان الأمن والأمان، وأيضاً تقارير أممية أخرى تؤكد أن مناطق حكومة دمشق كلها أصبحت مسارح للفوضى، وتحولت موانئها وحدودها مسارح للجريمة، بسبب تدفقات مخدر “الكبتاغون” القادم من سوريا، إلى دول عدة، والتي باتت سوريا – بحسب تقارير مكتب الأمم المتحدة للمخدرات – واحدة من أكبر منتجي “الكبتاغون” عالمياً.

   حسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات، فالكبتاغون عقار بدأ تصنيعه بشكل قانوني في ستينيات القرن الماضي، لعلاج اضطرابات نقص الانتباه وفرط الحركة، والاكتئاب، والنوم القهري (الخدار)، قبل سحبه من الأسواق في الثمانينيات، بسبب آثاره الجانبية.

   منذ اندلاع الثورة السورية في العام 2011، وما تلاها من أحداث، خسرت البلاد الكثير من الموارد الاقتصادية، ومن أهمها النفط، الذي كان يشكل أكثر من ثلث ناتج الدخل القومي السوري، بحسب الخبراء الاقتصاديين، وباتت دمشق تبحث عن موارد بديلة، حتى باتت “عاصمة الأمويين”، الآن عاصمة “الكبتاغون”، في توصيف جديد للتقارير الأممية.

   وسط ذلك، فإن الخارطة السورية الممزقة، بحاجة إلى معالجة سريعة، بلاد تعيش حالة حرب، وفوضى عارمة في الحياة اليومية، والفقر المخيم على أغلب أجزاء البلاد، وسط دخول ميليشيات وفصائل مسلحة مجهولة الهوية، إلى الساحة السورية، سواء بإذن من النظام أو بإذن من المعارضة العربية، أو تلك الفصائل التي دخلت على خط الأزمة من أجل جمع الغنائم، وفرض الأتاوات على الشعوب المنهكة أصلاً من كوارث وفجائع الحرب.

   يتطلب من المجتمع الدولي الواقف موقف المتفرج؛ كاريكاتيرا؛ على الكارثة الإنسانية، وضع حد عاجل وفوري لتلك الفصائل ومن تدعمها من دول إقليمية، لكبح جماح الفوضى ووقف تصدير المواد المخدرة من وإلى سوريا، بعد أن أصبحت البلاد برمتها جغرافيا منكوبة وبحاجة إلى عمليات إنقاذ أممية سريعة، بعد فشل المفاوضات السياسية بين أطراف الصراع، وأيضاً فشل دمشق من التوصل إلى خارطة طريق مع الإدارة الذاتية الكردية.

   وبحسب تقرير أوردته صحيفة “نيويورك تايمز” مؤخراً؛ حول أطراف الصراع ونواياهم فقد توصلت الصحيفة إلى خارطة معقدة من المعارك الدائرة؛ حيث أن قوات النظام السوري، والقوات الروسية تقاتل جماعات المعارضة المسلحة في الشمال الغربي، ويقوم تنظيم “داعش” بتصعيد هجماته في عموم أنحاء البلاد رغم كبح جماحه في شرق الفرات، أي مناطق النفوذ الأمريكي وقوات سوريا الديمقراطية، وتهاجم تركيا علانية وبشكل متكرر القوات التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية، في شمال وشرق البلاد، وتقاتل القوات التي تقودها الوحدات الكردية آخر إرهابيي داعش، فيما الوضع يتأزم أكثر، دون مبادرة دولية لوقف كل تلك الحدة والفوضى في القتال، ربما أكثرها قتال دون هدف، نظراً لتوسع دائرة المعارك، حيث كل فصيل يعمل لصالح دولة، بينما الإرهاب مازال قائماً ومرعباً، ومخاطره قائمة في ظل كل تلك السجون الموجود في شمال وشرق سوريا التي تضم عشرات الآلاف من الدواعش وعوائلهم.

   إذاً؛ شبح الحرب المخيم في سوريا يتمدد دون وجود آلية لوقف رعب ذلك الشبح.

فتح الله حسيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى